للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشبها به، ويمكن تفسير قوله: كان لون أرضه سماؤه، لما لا يكون فيه قلب ولا حذف، أي: ارتفع الغبار فيها متراكما واتصل بالسماء بحيث صار السماء متصلا بالأرض اتصال اللون بالجسم، كأن لون الأرض نفس السماء (وإلا) أي: وإن لم يتضمن اعتبارا لطيفا (رد)؛ لأن نفسه ليس اعتبارا لطيفا، ولم يتعرض لرد لم يتضمن خللا في المقصود، لأنه لا غرض يتعلق به في هذا المقام، لأن رد ما يتضمن خللا مشترك بينه وبين غيره لا ينبغي أن يجعل من مباحث القلب، ولا تعلق له برد ما قاله السكاكي، فالتعرض له كما تعرض له الشارح من فضول الكلام وعدم ما يليق بالمقام، (كقوله) أي: القطامى (١) يصف ناقته بالسمن:

فلمّا أن جرى سمن عليها ... كما طيّنت بالفدن السّياعا (٢)

هو كالسحاب الطين بالتبن كذا في القاموس، والأصل فيه كما طينت الفدن بالسياع، وهو أن يتضمن مبالغة في وصف الناقة بالسمن، وإشارة إلى أن اللحم المكتسب صار أصلا في بدنها، ومعروض السمن صار فرعا، كما جعل السياع أصلا.

والقصر بمنزلة الطين للسياع، لكنه بعيد عن الطبع؛ لأن قولنا: طينت السياع بالفدن مما يستهجنه الأذهان وتستقبحه الآذان كما لا يخفى.

[أحوال المسند أما تركه فلما مر]

(أحوال المسند إما تركه) الترك: الردع والحذف الإسقاط، فالثاني يدل على سبق الثبوت دون الأول، فلهذا قال الشارح في استعمال الحذف في المسند إليه: والترك في المسند إشعار بأن احتياج الكلام إلى المسند إليه أشد، فكأنه


(١) القطامي: هو عمير بن شييم بن عمرو بن عباد، أبو سعيد التغلبي الملقب بالقطامي، شاعر غزل فحل، كان من نصارى تغلب في العراق، وأسلم، وجعله ابن سلام في الطبقة الثانية من الإسلاميين، وقال:
الأخطل أبعد منه ذكرا وأمتن شعرا، ونقل أن القطامي أول من لقب «صريع الغواني» بقوله:
صريع غوان راقهنّ ورقنه ... لدن شبّ حتّى شاب سود الذوائب
انظر ترجمته في الشعر والشعراء ص ٢٧٧.
(٢) الفدن: القصر، السياعا: الطين المخلوط تبنا تدهن به الأبنية، يعني أن ناقته صارت ملساء من السمن كالقصير المطين بالسياع، والبيت من بيتين في وصف ناقته وثانيه:
أمرت بها الرجال ليأخذوها ... ونحن نظن أن لن تستطاعا
انظر البيت في ديوانه: (٤٦)، الإيضاح (٨٥)، والمصباح (٤١)، والمفتاح ص ٣١٢، والنوادر (٥٢٦)، معاهد التنصيص (١/ ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>