للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان ثابتا لا محالة، ثم أسقط لداع، وأورد عليه أن كلامه هذا ينافي ما ذكره في شرح الكشاف أن قول ابن عباس- رضي الله عنه- من ترك التسمية فكأنما ترك مائة وأربع عشرة آية من القرآن، مشكل؛ لأنه لم تكن في سورة البراءة تسمية حتى يكون تاركها؛ لأنه دل كلامه هذا على أن الترك يقتضي الثبوت، وفيه أن ترك مائة وأربع عشرة آية من القرآن عبارة عن ترك قرائتها، وما لم تكن التسمية أربع عشرة آية لا يكون القارئ التارك لها تارك قراءة أربع عشرة آية، وترك القراءة قد تحقق بدون ثبوت القراءة، فلا يكون ما ذكره مستلزم ثبوت المتروك؛ لأن المتروك هو القراءة، ولم تكن ثابتة،

والأوجه أن اختلاف العبارات للتنبيه على تعدد ما يعبر عما يقابل الذكر، لا للتفاوت، وإلا لما عبر المصنف عن عدم ذكر المفعول في بحث متعلقات الفعل بالحذف (فلما مر) في حذف المسند إليه (كقوله) (١) أي: قول ضابي بن الحارث البرجمي: [ومن يك أمسى بالمدينة رحله] أي: منزلة فإسناد أمسى إلى المكان مجاز، ولك أن تجعل فاعل أمسى ضمير من، والخبر جملة بالمدينة رحله، أو أمسى تامة، والجملة حالا متروك الواو، وكما في: خرجت مع الباري على سواد، وسيأتي، ولا يجوز نصب رحلة على الظرفية؛ لأنه ليس مبهما قابلا لتقدير فيه [فإنّي وقيّار] في القاموس اسم جمل ضابي أو فرسه، وقال السيد السند أو غلامه: [بها لغريب] (٢) لفظ البيت خبر، ومعناه تحسر وتوجيع من كربة وخبر قيار محذوف؛ لأن قوله: لغريب لا يصلح أن يكون خبرا عن إنى وقيار، لأن قيارا، لكونه عطفا على محل اسم إن مبتدأ، والعامل في خبره المبتدأ، ولا يجوز عامل عاملين في معمول واحد سواء كانا من جنس واحد، أو من جنسين مختلفين، لا لأنه مفرد، والمفرد لا يصلح أن يكون خبرا لمتعدد قد يخبر عنه بمفرد


(١) هو لضابئ بن الحارث البرجمي. وفي رواية: «فمن يك»، والأصوب «ومن»، وكان عثمان بن عفان- رضي الله عنه- قد حبس ضائنا هذا في المدينة لهجائه قوما في شعره.
(٢) انظر البيت في شرح المرشدي على عقود الجمان (١/ ١٠٢)، الأصمعيات (١٨٤)، خزانة الأدب (٩/ ٣٢٦)، (١٠/ ٣١٢، ٣١٣، ٣٢٠)، الدرر (٦/ ١٨٢)، الشعر والشعراء (٣٥٨)، لسان العرب (٥/ ١٢٥) (قير)، مجالس ثعلب (٣١٦)، الإشارات والتنبيهات (٦٢)، الإيضاح (٨٨).
الرحل: المنزل، قيّار: اسم فرسه أو غلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>