(وباللام) أي: تعريف المسند إليه وإيراده معرفا باللام (للإشارة إلى معهود) أطلق المعهود مع أن نفس الحقيقة في المعرف بلام الجنس أيضا معهود كما يشير إليه قوله: وقد يأتي لواحد باعتبار عهديته في الذهن؛ لأن المعهود تعارف في بعض من مفهوم ما دخل عليه اللام، وقدم لام العهد على لام الحقيقة مع أنه أخره السكاكي؛ لأن المعرف به أعرف؛ ولانقسام لام الحقيقة وكثرة أبحاثه، فلام العهد كالبسيط بالنسبة إليه، ولو أخر لكثر الفصل بين القسمين.
واعلم أنه اشتهر فيما بين النحاة أن لام التعريف يكون للعهد الخارجي ولتعريف الجنس وللعهد الذهني وللاستغراق، فحقق صاحب المفتاح أن لام التعريف للإشارة إلى تعيين حصة من مفهوم مدخوله أو لتعيين نفس المفهوم، والعهد الذهني والاستغراق من أقسام لام تعريف الجنس، ثم ذكر أن الفرق بين تعريف الجنس والعهد بما لا يعود إلى مجرد اصطلاح، وتفرّقه بالتسمية لا يظهر، وهذا لا يحسن، وحقق أن لا فرق بين لام العهد ولام الجنس، إذ كل منهما إشارة إلى معهود غايته أن المعهود في أحدهما الجنس وفي الآخر حصة منه، وجعل أحدهما لام الجنس والآخر لام العهد ليس لتميز يعود إلى مفهوم التعريف بل باعتبار معروض التعيين؛ ولهذا قال أئمة الأصول: حقيقة التعريف العهد لا غير وهذا كلام حق قد خفى على المصنف والشارح المحقق لظنهما به أنه يقول: لا فرق بين القسمين بحسب المفهوم، وتعريف ملتبس بتعريف الحقيقة فردّه المصنف عليه وتبعه الشارح بالفرق بتعيين المراد بلام العهد ولام الحقيقة بأن الأول إشارة إلى حصة من الجنس والثاني إلى نفسه لكن تبعاه في كون لام العهد الذهني ولام الاستغراق داخلين تحت لام الجنس، فلام العهد إشارة إلى معهود أي: مدرك حاضر في ذهن المتكلم والمخاطب؛ إما لذكره سابقا في كلامك أو كلام غيرك صريحا أو غير صريح، وهو العهد التحقيقي وإما لتعينه وكونه معلوما لا محالة حقيقة أو ادعاء لغرض وهو العهد التقديري واحدا كان أو اثنين أو جماعة، لكن الإشارة إلى الجماعة لا لجمع تعريف العهد مع الاستغراق؛ لأن العهد يقتضي قصد الجماعة باللفظ وإشارة اللام إلى تعينها ولام الحقيقة تقتضي الإشارة إلى حضور الجنس، وقصده باللفظ وفهم الجماعة من القرينة ومن خارج اللفظ فما قاله الشارح المحقق