للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبله ملك متكبر فكيف غيره.

وقال السيد السند: إن البيت يحتمل وجهين:

أحدهما: أنه لم يكن في ثغرها خال، أي شامة تغير لونه.

والثاني: ما ذكره، ودفع توهم غير المقصود إنما يتأتى على الثاني دون الأول.

قلت: لما شبه فمه بالخاتم، والخاتم ربما يسود بالخبر ربما يتوهم أن يكون في ثغره شامة يشبه سواد الخاتم فدفعه بذلك، ولك أن تريد به بدفع توهم ذكره الشارح أخا أم الرجل فيكون مبالغة في نفي تقبيله؛ لأنه إذا لم يتيسر ذلك لخاله فكيف لغيره (وقيل: لا يختص بالشعر) وهل يختص في الشعر بآخر البيت كما في القول الأول؟ وهل يختص في النثر بآخر الفقرة؟ (ومثل ذلك بقوله تعالى: قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (١) لأن قوله: وهم مهتدون، مما يتم المعنى بدونه؛ لأن الرسول مهتد لا محالة.

وذكر لزيادة الحث على الاتباع والترغيب في الرسل أي: ولا تخسرون معهم شيئا من دنياكم أو تربحون صحة دينكم فينتظم لكم خير الدنيا والآخرة. كذا في الشرح.

قلت: المثال اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون بكليته؛ لأن الرسول لا يكون إلا كذلك، وفيه مزيد الحث كما ذكره فتأمل.

[وإما بالتذييل]

(وإما بالتذييل وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى، تشتمل) تلك الجملة الثانية (على معناها) (٢) أي: معنى الجملة الأولى (للتوكيد) (٣) علة للتعقيب، ولا يخفى أنه يشمل الجملة المؤكدة نحو: إن زيدا قائم إن زيدا قائم، وجاء زيد جاء زيد فبينه وبين التكرير عموم من وجه (وهو ضربان: ضرب لم يخرج مخرج المثل) بأن لم يستقل بإفادة المراد، بل توقف على ما قبله، كذا في


(١) يس: ٢٠، ٢١. فقوله: «وهم مهتدون» إيغال لأنه يتم المعنى بدونه والاهتداء بالرسل قطعا، والغرض منه زيادة الحث على اتباعهم.
(٢) المراد باشتمالها على معناها إفادتها بفحواها لما هو مقصود من الأولى، لا دلالتها عليه بالمطابقة؛ لأن هذا هو التكرير السابق، ويشترط في الجملة الثانية ألا يكون لا محل لها من الإعراب، وقيل: إن هذا غير شرط، والفرق بين التذييل والإيغال: أن التذييل لا يكون إلا بجملة ويقصد منه التوكيد خاصة، بخلاف الإيغال.
(٣) المراد بالتوكيد هنا معناه اللغوي وهو التقوية، أما التوكيد في التكرير السابق فهو بمعناه الاصطلاحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>