للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عكس ما فعله المصنف.

لكن ما فعله المصنف أنسب؛ لأن حوالة أمر اللاحق بالسابق أنسب من العكس، وأحفظ من توهم غير المقصود.

[وعرف المجاز اللغوي]

(والمجاز اللغوي) عطف على قوله: الحقيقة اللغوية أي: عرف السكاكي المجاز اللغوي (بالكلمة المستعملة في غير ما وضعت له بالتحقيق) (١) أراد به ما يقابل التأويل (في اصطلاح به التخاطب، مع قرينة مانعة عن إرادته، وأتى بقيد التحقيق لتدخل الاستعارة) في تعريف المجاز بناء (على ما مر) من أنها مستعملة فيما وضعت له بالتأويل؛ وهذا واضح، وإن كان ظاهر عبارة السكاكي تقتضي أن هذا القيد لإخراج الاستعارة حيث قال:

وقولي: بالتحقيق احتراز عن أن لا يخرج، وفي بعض النسخ احتراز أن لا يخرج استعارة؛ لأن ذلك الظاهر ظاهر الفساد، فجعل الشارح كلمة «لا» زائدة، وجعل في المختصر الجار المحذوف في احتراز أن لا يخرج كلمة اللام، أي: احتراز لئلا يخرج.

ونحن نقول: المراد: احتراز عن أن لا يخرج مدلول الاستعارة عما وضعت له، فلا تدخل الاستعارة في المستعملة في غير ما وضعت له.

(ورد) ظاهر ما ذكره السكاكي (٢) (بأن الوضع) وأن يطلق في شأن الاستعارة فيقال: هي موضوعة للمستعار له بتأويل، ويطلق عليه الموضوعة بالتأويل، لكن لا يطلق فيها الوضع من غير تقييد بالتأويل، وذلك ظاهر من موارد استعمال الوضع، لا مما ذكره المصنف.

وتبعه الشارح فيه من أنه فسر السكاكي بنفسه الوضع بتعيين اللفظ بإزاء المعنى بنفسه، وقال: قولي: بنفسه احتراز عن المجاز المعين بإزاء معناه بقرينة.

ولا شك أن دلالة الأسد على الرجل الشجاع، وتعينه بإزائه إنما هو بواسطة القرينة؛ لأنه يجوز أن يكون تفسير السكاكي تفسيرا لأحد معنييه، ولا يلزم من


(١) فإذا كانت الحقيقية لغوية تكون الكلمة مستعملة في غير معناها اللغوي فتكون مجازا لغويا، وإذا كانت شرعية تكون الكلمة مستعملة في غير معناها الشرعي فتكون مجازا شرعيا، وهكذا.
(٢) المفتاح ص ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>