للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتباعد فيه تباعد في أحدهما (السكاكي الجامع بين الشيئين) (١) ذكر السكاكي الجامع بين الجملتين، وعدل عنه المصنف إلى الجامع بين الشيئين؛ لأن الجامع يجب في المفردات أيضا، فنبه على أن ما ذكره لا يخص الجملتين (إما عقلي (٢) بأن يكون بينهما اتحاد في التصور) (٣) عدل عن عبارة السكاكي في التصور؛ لأن المتبادر منه كفاية الاتحاد في متصور واحد، فعدل إلى المعرف ليفيد أن الجامع الاتحاد في جنس المتصور فلا يفيد كفاية متصور واحد، ولا ينافي ما سبق من اشتراط الاتحاد في المسند والمسند إليه، إلا أنه لا يجرى في المفردين المعطوفين الاتحاد في التصور؛ إذ لا يعطف المتحدان والتماثل والتضايف والتضاد في المفردات باعتبار أنفسها، وفي الجمل باعتبار المسند والمسند إليه، ولنفصّل لك.

أولا: الجامع العقلي والوهمي والخيالي، فإنها من مزالق السالكين، ولنكتف ببيان الحق المبين، ولنعرض عن بيان ضلال المتباعدين عن مرتبة التمكين فإنه طول بلا طول ليس إلا مجرد قول فاعلم أن:

العقل: قوة للنفس الناطقة بها يدرك المفهومات الكلية، والخيال قوة لها خزانة تصور المحسوسات.

والوهم: قوة يدرك بها معان جزئية منتزعة عن المحسوسات.

وللنفس قوة أخرى تتصرف في مدركاتها تركيبا وتفكيكا تسمى مفكرة عند إعمال العقل إياها، ومتخيلة عند إعمال مجرد الوهم إياها، وهو المدار للفصل والوصل.

[الجامع بين الشيئين]

فالمراد بالجامع العقلي ما هو سبب لاقتضاء العقل اجتماع الجملتين عند المفكرة، وبالوهمي ما لا يكون سببا إلا باختيال الوهم وإبرازه له في نظر العقل في صورة ما هو سبب لاقتضاء العقل وبالخيالي ما يكون سببا بسبب تقارن أمور في


(١) انظر المفتاح. ص ١٢٧.
(٢) ضابطه أن يكون الجمع بين الشيئين فيه حقيقيا، بأن يكون في الواقع ونفس الأمر.
(٣) بأن يكون شيئا واحدا حقيقة بالشخص والنوع، كقول الشاعر:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه ... وانصب فإنّ لذيذ العيش في النّصب

<<  <  ج: ص:  >  >>