الخيال، حتى لو خلى العقل ونفسه غافلا عن هذا التقارن لم يستحسن جمع الجملتين بقي الجمع بين أمرين سببه التقارن في الحافظة التي هي خزانة الوهم والتقارن في خزانة العقل، وهي المبدأ الفياض على ما زعموا لإلف وعادة، فإن الإلف والعادة كما يكون سببا للجمع في الخياليات تكون سببا للجمع بين الصور العقلية والوهمية، فاختل السيد السند بحمل الخيال على مطلق الخزانة، وقال:
ولما كان الخيال أصلا في الاجتماع؛ إذ يجتمع فيه الصور التي منها ينتزع المعاني الجزئية والكليات أطلق الخيال على الخزانة مطلقا، والأقرب أن يجعل التقارن في غير الخيال ملحقا متروكا بالمقايسة؛ إذ جلّ ما يستعمله البلغاء مبنيا على التقارن هو الخيالي، فاقتصر على بيانه.
وإن أردت القصر فالجامع إما التقارن في الخزانة مطلقا فهو الخيالي والملحق به، والثاني إما أن يكون بسبب أمر يناسب الجمع ويقتضيه بحسب نفس الأمر فهو العقلي، وإلا فهو الوهمي.
(أو تماثل)(١) وهو في الاصطلاح الكلامي: الاتحاد في النوع، والتجانس:
الاتحاد في الجنس، والتشابه: الاتحاد في العرضي.
وأشار إلى أن التماثل راجع إلى الاتحاد في التصور بقوله:(فإن العقل بتجريده المثلين عن الشخص في الخارج ترفع التعدد بينهما)، وهذا إنما يفي ببيان الجامع بين قولنا: زيد قائم، وعمرو قاعد أما في بيان الجامع بين قولنا:
الرومي أبيض، والحبشي أسود فلا؛ فإن العقل لا يطلب اتحاد الرومي والحبشي بالتجريد عن التشخص، بل عن وصف الرومية والحبشية اللتين هما كلّيان، والجواب أنه كلام على وجه التمثيل، وتصوير للمقصود فيما هو أكثر تداولا بين البلغاء.
ومن هذا القبيل تقييد التشخص بالخارجي لا؛ لما قال الشارح والسيد السند: إن ذلك لأن تجريد العقل والحاصل فيه عن التشخص العقلي غير ممكن؛ لأن معنى التجريد عدم ملاحظة التشخص، ونسبته إلى الذهني كنسبته إلى
(١) بأن يتفقا في الحقيقة ويختلفا بالشخص ما اشتراكهما في وصف له نوع اختصاص بهما من صداقة أو نحوها، كما سبق في نحو: «زيد شاعر، وعمرو كاتب».