للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوجد بدون اجتماع شرائط التشبيه مطلقا.

[(خاتمة)]

جعل تقسيم التشبيه بحسب القوة والضعف منفردا عن سائر التقسيمات يبحث؛ لأنه لا يخص الطرف، ولا الوجه، ولا الأداة، بل باعتبار كل من الطرف والوجه والأداة والمجموع، ولم يقدمه على التقسيم بحسب الغرض، مع أنه لا مدخل للغرض فيه؛ لأن شدة مناسبته بالاستعارة في تضمنها المبالغة في التشبيه دعت إلى أن لا يفصل بينه وبين الاستعارة، مهما أمكن.

وخص البيان بالقوة وعدمها باعتبار ذكر الأركان وتركها؛ لأن القوة باعتبار قوة المشبه به نحو: زيد كالأسد، زيد كالسرحان، وباعتبار الأداة نحو: كأن زيدا أسد فإن فيه مبالغة ليست في: زيد كالأسد؛ لأنه بمنزلة: إن زيدا كالأسد؛ ولهذا ترى بعض أئمة النحو يقول: كأن زيدا أسد، بمعنى إن زيدا كالأسد وكأن مركبة من إن المكسورة، وكاف التشبيه الداخلة على خبرها، وباعتبار وجه الشبه نحو: زيد كالأسد، في كمال الشجاعة، فإنه أقوى من قولنا في الشجاعة تستوي فيها العامة والخاصة، ويخرج عن عهدتها عارف متن اللغة والنحو إنما المتعلق لفتنا القوة الحاصلة باعتبار حذف بعض الأركان؛ فلهذا خص بالبيان، لكن لا بد من تحقيق معنى حذف نيط عليه قوة المبالغة، فإنه اختفى في جلباب بيان المفتاح، ولم ينكشف في نور المصباح إلى طلوع هذا الإصباح، حتى ظن به أن المراد به ما يقابل الذكر، وليس بذاك؛ فإن المسافة بين الملفوظ به والمقدر في نظم الكلام في قوة الإفادة قليلة، قد حكم به المفتاح في أثناء هذا البحث؛ ولذا شاع التقدير، بل شاع في مقام الإفادة فلا يفرق عاقل بين قولنا زيد كالأسد في الشجاعة، وبين قولنا زيد، في جواب من يقول: من يشبه أسدا في الشجاعة؟ في قوله المبالغة أو بين قولنا: أسدا، في جواب من أي شيء يشبهه زيد في الشجاعة؟

بل المراد بحذف الأداة والوجه تركهما وطيهما عن نظم البيان، فالتقدير هنا داخل في الذكر، فإن مدار المبالغة في: زيد كالأسد في الشجاعة، على دعوى

<<  <  ج: ص:  >  >>