إحساس قط، ولأن أنياب الأغوال ورءوس الشياطين ليست من المعاني الجزئية، بل هي صورة؛ لأنها ليست مما لا يمكن أن يدرك بالحواس الظاهرة على تقدير وجودها، وليست أيضا مما له تحقق كصداقة زيد وعداوة عمرو، بل المراد بالخيالي والوهمي ما اخترعته القوة المتخيلة، أعني: القوة التي من شأنها تركيب الأشياء وتعريفها واختراع أشياء لا حقيقة لها، إما من الأمور المحسوسة الموجودة كما في الخيالي، وإما لا عن شيء، بل هو اختراع صرف على نحو المحسوس، كما في الوهمى، ونحن نقول: لم يسموا ما اخترعته الأمور المتخيلة من الأمور العقلية الصرفة وهميا، بل أدخلوه تحت العقلي مطلقا؛ لأنه لا يلتفت إليه، ولا يعتبر في مقام التشبيه، ولا يمكن للواهمة أن يخدع العقل في توجهه إليه، ويجعله متوجها إليه ملتفتا نحوه؛ لأن المعقولات الصرفة تحت سلطان العقل لا يقبل منها إلا الحق أو التشبيه به، ويعرض عن المخترع الصرف في أول نظره، ويتجه وما ذكره الشارح في نفي كون الوهمي من مدركات الوهم من أنه ليس له تحقق ليس بقوي؛ لأن من أفراد مدركات الوهم ما يجوز أن لا يكون له تحقق، بل يكون بحيث لو أدرك بعد وجوده لأدرك بالوهم.
[وما يدرك بالوجدان]
(وما يدرك بالوجدان) فسروا الوجداني بما يدرك بالقوى الباطنة، ومدركاتها لا يخرج من الصور والمعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوس، فإن المدرك من القوى الباطنة إما الحس المشترك وهو لا يدرك إلا الصور، وإما الواهمة وهي لا تدرك إلا المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوس، فليس ما يدرك بالوجدان بعد الخيالي والوهمي السابقين إلا المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوس، لكن في كون كل ما يدرك بالقوى الباطنة وجدانيا خفاء؛ إذ المشهور في الوجدان ما يجده كل أحد من نفسه عقليا صرفا كان، كأحوال نفسه أو مدركا بواسطة قوة باطنية فتخصيص الداخل بالوجداني من بين سائر مدركات القوى الباطنة تخصيص بلا مخصص (كاللذة والألم).
قال الشارح: الحسيين فإنه المفهوم من إطلاقهما بخلاف اللذة والألم العقليين فإنهما ليسا من الوجدانيات، بل من العقليات الصرفة، كالعلم والحياة.
وتحقيق ذلك أن اللذة إدراك ونيل لما هو عند المدرك كمال وخير، من حيث