للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضاجعة كناية عن الملازمة، وجعل مضاجعي مبتدأ والمشرفي خبرا؛ حيث قال في تفسيره: والحال أن مضاجعي سيف منسوب إلى مشارف اليمن، ولا بأس بتقديم الخبر مع كونه معرفة كالمبتدأ؛ لأنه يجوز فيما لا التباس فيه على ما هو التحقيق، ولا التباس هنا؛ لأنه يعلم من استبعاد القتل أن له ملازما يمنع القتل.

فاللائق تعيينه بالمشرفي لا تعيين المشرفي به، ومن الناس من توهم أن الشارح جعل الكلام قلبا، وابتلي ببيان نكتة القلب، ولم يأت بما يفيد للنفع جلبا، ولا يبعد أن يراد بالمضاجع حقيقته، ويكون فيه إشعار بأن قصد أحد قتلى لا يمكن إلا في حال اضطجاعي ونومي (ومسنونة) قال الشارح: أي: سهام محددة النصال، يقال: سن السيف إذا حدده ووصف النصال بالزرقة؛ للدلالة على صفائها، هذا والأنسب بقوله: (زرق) تفسير سن بالتحديد والصقل على ما في القاموس ولا يخفى أن الأنسب تفسير المسنونة بأسنة الرماح؛ لأن الأسنة هي الأشبه بأنياب الأغوال؛ لأنها أعظم من النصال، وفي كون أنياب الأغوال مما لم يدرك مادته بالحس نظر؛ لأن مادته العظم، وكأنه مبني على توهم أنياب، لا من جنس العظم؛ لأنها تفعل ما لا يمكن للعظم، بل لا يعلم أن مادته أي شيء؛ لأنه لا مناسبة لها بشيء من القواطع، ولا يخترع على صورة الناب المتعارف بخصوصه، بل على صورة مهيبة له، مناسبة في الجملة بصورة الناب (كأنياب أغوال)] (١).

الأنياب: جمع ناب، وهو السن خلف الرباعية، والأغوال جمع غول، وهي ساحرة الجن والمنية، وشيطان يأكل الناس أو دابة رأتها العرب وعرفتها وقتلها تأبط شرّا.

قال الشارح: ومما يجب له التنبه في هذا المقام أن ليس المراد بالخياليات الصور المرتسمة في الخيال المتأدية إليه من طرق الحواس، ولا بالوهميات المعاني الجزئية المدركة بالوهم على ما سبق تحقيقها في بحث الفصل والوصل؛ وذلك لأن الأعلام الياقوتية ليست مما ردت إلى الخيال من الحس المشترك؛ إذ لم يقع بها


(١) البيت في ديوانه: ١٥٠، انظر البيت في الإيضاح: ١٦٩، ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>