للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علمائه، أو بجعل المسند لما سوى زيد من علمائه، على أنه لا مانع من رد اعتقاد الشركة بالقصر الحقيقي، فيكون قصر إفراد، وقلب اعتقاده به، فيكون قصر قلب، والتعيين به كذلك، نعم، لا يجب أن يكون المخاطب به واحدا من هؤلاء، بل يحتمل أن يكون خاف الذهن، ومن بدائع قصر القلب ما يريد به الشركة، فكان كالجامع للقصر ونقيضه؛ إذ القصر قد يكون لقطع الشركة، ولا يكون للشركة، فيكون الكلام معه كالجامع بين المتنافيين، وفيه السحر الواضح الذي يوجب الحسن والزين كقوله تعالى: (وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا) (١) فإنه قدم (للناس) للتخصيص وقصر القلب، وذلك إنما يتحقق بجعل الناس للاستغراق، أي: لجميع الناس، لا لبعضهم، رد الاعتقاد من ادعى أنه بنى العرب فقط، فصار بذلك القصر رسالته مشتركا بين الناس منتقلا من الخصوص إلى العموم، وهذا من دقائق القصر.

[شروط قصر الموصوف على الصفة]

(وشرط قصر الموصوف على الصفة إفرادا عدم تنافي الوصفين) (٢) قال المصنف في الإيضاح: ليتصور اعتقاد المخاطب اجتماعهما، وهذا التعليل يدل على أن المراد عدم ظهور تنافي الوصفين، ويصح اعتقاد اجتماع المتنافيين ممن يخفى عليه تنافيهما، ونحن نقول: وهكذا ينبغي أن يشترط عدم تلازمهما ليصح اعتقاد المتكلم والمخاطب الانفراد (وقلبا تحقق تنافيهما) أي: تنافي الوصفين ليكون إثبات المخاطب المنفية في كلام المتكلم مشعرا بانتفاء غيرها، هكذا في الإيضاح من غير خطأ، وإن وهم البعض أن مراده ليكون إثبات المتكلم ما أثبته في كلامه مشعر بانتفاء غيرها، وبالجملة فيه نظر؛ لأن معرفة انتفاء بها، لا يتوقف على هذا، بل يحصل في كلام المتكلم بالقصر، وفي كلام المخاطب يمكن بطرق غير محصورة، لا يخفى، وأيضا يخرج حينئذ: ما زيد إلا شاعر، لمن اعتقد أنه كاتب لا شاعر، عن أقسام القصر، على أنه لا شبهة في أنه قصر قلب كما صرح به صاحب المفتاح، ومنهم من قال: مراده تنافي الوصفين في اعتقاد المخاطب، وهذا عجب، كيف لا وقد غفل عن قوله وقصر التعيين أعم؟ لأنه إن أراد بالتنافي في اعتقاد المخاطب اعتقاده سلب أحدهما وإيجاب الآخر، فلا يوجد معه


(١) النساء: ٧٩.
(٢) لم يذكر هذا الشرط في قصر الصفة على الموصوف؛ لأن الموصوفات لا تكون إلا متنافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>