قصر التعيين، وإن أراد عدم اجتماع اعتقادهما، فلا يوجد قصر التعيين مع قصر الإفراد، وأعجب منه أن الشارح المحقق غفل عن فساد كلامه من هذا الوجه، وتشبث في إبطاله تارة بأنه حينئذ يكون شرطا ضائعا؛ لإغناء معرفة أن قصر القلب هو الذي يعتقد فيه المخاطب العكس عنه، وتارة بأنه صرح صاحب المفتاح: بأن المخاطب يجب أن يعتقد العكس، فلا يصح قول المصنف: إنه لم يشترط في قصر القلب تنافي الوصفين، ولا يذهب عليك أنه لا وجه لتخصيص الشرط بقصر الموصوف على الصفة؛ لأنه لو تم الاشتراط ينبغي أن يكون شرط قصر الصفة على الموصوف أيضا في الإفراد عدم تنافي الموصوفين في الوصف، فقال: لا يصح القصر إفرادا في: أفضل البلد، إلا زيد؛ لأنه لا يجتمع الموصوفان في وصف الأفضلية، بل يصح ذلك القصر قلبا، وكأنه لم يقصد التخصيص بما ذكره، بل عول على ظهور المقايسة.
(وقصر التعيين) كأنه لم يقل: وقصر التعيين منه (أعم) لإجراء الحكم على الأعم، والتنبيه على أن الحكم السابق أيضا لا يخص، والمراد بالأعمية: الأعمية بحسب التحقيق بمعنى أن كل ما يصلح لأحدهما يصلح للتعيين، وربما يصلح للتعيين ما لا يصلح للأفراد، وربما يصلح له ما لا يصلح للقلب، كما صرح به في الإيضاح، لكن عبارته حيث قال: كل ما يصلح أن يكون مثالا لقصر الإفراد أو قصر القلب يصلح أن يكون مثالا لقصر التعيين من غير عكس، غير صحيحة لظهور صدق كل ما يصلح مثالا لقصر التعيين، يصلح مثالا لأحدهما، لكن مراده ما ذكرنا، وفي قوله: وشرط قصر الموصوف على الصفة إفرادا عدم تنافي الوصفين وقلبا تحقيق تنافيهما العطف على عاملين مختلفين من غير تقديم المجرور، وصحته مرجوحة.
(وللقصر طرق) كأنه نبه بترك وصف الطرق بالأربعة على وفق المفتاح، والعدول من قوله: أولها، وثانيها إلى منها، ومنها على أن الطرق لا تخصر؛ إذ منها ضمير الفعل، وتعريف المسند أو المسند إليه بلام الجنس، ولم يذكر هنا؛ لأن كلامه في الطرق العامة وهما مخصوصان بالمسند والمسند إليه (منها العطف) كأنه شاع العطف في هذا البحث في العطف بلا وبل، مع النفي في المعطوف عليه، فلذا أطلق: وإلا فليس غيرهما سوى لكن من طرق القصر، ولكن ليس