للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتخريج المذكور لنقصان في تتبعهم وعدم عثورهم عليه، حتى إن صاحب مجمل اللغة جعله منه بعد عثوره عليه؛ هذا ولك أن تقول التزامهم أحد التخريجين لإيراثهم معنى البيت على الوجهين كابرا عن كابر.

واعلم أن الغرابة مما يتفاوت بالنسبة إلى قوم دون قوم، كالاعتياد الذي يقابلها، فالغريب يقابل المعتاد، فالمراد بالغرابة المخلة بالفصاحة أن يكون غريبا بالنظر إلى الفصحاء كلهم، لا بالنظر إلى العرب كله، فإنه لا يتصور إذ لا أقل من تعارفه عند قوم يتكلمون به، ولكون الغرابة أعم مما يخل بالفصاحة ثبت غريب القرآن والحديث، والوحشي كما يكون بمعنى ما يشتمل على تركيب يتنفر الطبع عنه، ويقابله العذب، ويجب الخلوص عنه في الفصاحة، لكن الخلوص عن التنافر يستلزمه، كذلك يكون مرادفا للغريب المطلق نقل من الوحشي الذي هو منسوب إلى وحيش يسكن القفار، على ما قالوا، ومن الوحشي الذي هو واحد الوحش الذي يسكن القفار على ما نقول. في القاموس الوحش حيوان البر والجمع وحوش، والواحد وحشي، ولعدم الفرق بين المعنيين اعترض بعض بأن ذكر الوحشي في تعريف الغرابة غير مرضي، بل الوحشية قيد زائد على فصاحة المفرد، يعني بالزائد ما لا فائدة له، وذلك لأنه يغني عنه الخلوص عن التنافر، ومنهم من فهم منه أنه ينبغي أن يزاد في تعريف الفصاحة، ويشترط الخلوص عنها، فاعترض بأنا لا نسلم وجوب زيادته لأن الخلوص عن الغرابة يستلزمه؛ لأن الغرابة أعم من الوحشية والخلوص عن الأعم يستلزم الخلوص عن الأخص.

[والمخالفة]

(والمخالفة) قد أوضحناها (نحو) مخالفة الأجلل في قوله:

(الحمد لله العليّ الأجلل) (١).

فإنه خالف ما ثبت من الواضع وهو الأجل تتمته: أنت مليك الناس ربّا فاقبل، فإن قلت: ليس الأجلل مفردا غير فصيح؛ لأن المفرد قسم الموضوع، والموضوع هو الأجل لا الأجلل! قلت: أصل كل مغير موضوع عندهم كالفرع


(١) البيت من أرجوزة لأبي النجم العجلي في شروح التلخيص (١/ ٨٨)، والإيضاح ص ٤، وعجزه:
أعطى فلم يبخل ولم يبخل.

<<  <  ج: ص:  >  >>