للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتاج إلى أن يخرج له وجه بعيد كما في قوله:

(وفاحما ومرسنا مسرّجا) (١)

ولا يخفى أن هذا التفسير أيضا مما لا ينفع لأنه ربما يفسر الغريب في الكتب الغير المبسوطة فإن تكأكأتم وافرنقعوا مما ذكرا في الصحاح والقاموس، والفاحم الأسود بيّن الفحومة يعني وشعرا فاحما، والمرسن بفتح السين وكسرها الأنف، والمسرج ما فسره بقوله: (أي كالسيف السريجي) أي المنسوب إلى سريج هو قين ينسب إليه السيوف (في الدقة والاستواء أو كالسراج في البريق) هو مصدر فسره بقوله: (واللمعان) والأولى في اللمعان، فالمسرج غير ظاهر الدلالة ولا مأنوس الاستعمال احتيج لبيانه إلى جعله اسم مفعول من السريجي أو من السراج بمعنى المشبه بالسراج، أو بالسريجي، وكأن وجه تحصيل التشبيه من صيغة اسم المفعول أن المسرج معناه المجعول سراجا أو سيفا سريجيا، بدعوى الاتحاد بينهما على نحو زيد أسد فهو تفعيل من قبيل فرجته أي جعلته فرجا، وقيل: جاء التفعيل للنسبة إلى أصله نحو تممته أي نسبته إلى تميم، فالمسرج بمعنى المنسوب إلى السريجي أو السراج نسبة المشبه إلى المشبه به، وهذا إنما يحسن أن يوجد نسبة المشبه إلى المشبه به حتى يقال أسديّ للمشبه به، إلا أن يقال فليكن هذا أيضا وجها لبعد التخريج.

قال المصنف في الإيضاح: ويقرب هذا من قولهم سرج وجهه بالكسر أي حسن، وسرج الله وجهه أي بهجه وحسنه، يريد أن أخذ المسرج من السراج كأخذ سرج منه، فهذا الوجه مرجح لتأيده يتحقق نظير له في كلامهم. وأشكل على الشارح أنه بعد وجود سرج لم لم يجعل المسرج منه حتى لا يحتاج إلى أخذه من السريجي أو من السراج؟ فأجاب بأنه يجوز أن يكون سرج مستحدثا مولدا بعد شعر العجاج، أو يكون مأخوذا لا عن مصدر بل من نفس السراج، فلا يكون من أفعال يشتق منها؛ بل من باب الغرابة كالمسرج، وأن يكون الحكم


(١) البيت للعجاج، وهو في المفتاح (٤٧٢) بتحقيق د. عبد الحميد هنداوي، وأورده بدر الدين بن مالك في المصباح: (١٢٣)، وعزاه للعجاج، والقزويني في الإيضاح (٤٠٥).
والفاحم: الأسود البين الفحومة، المرسن: موضع الرسن من أنف الفرس، الرّسن: ما كان من الأزمة على الأنف. والمسرج: من السرج، وهو رحل الدابة.

<<  <  ج: ص:  >  >>