للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، وطيبه، فبعضها مما يقال له أبطئي وبعضها مما يقال له أسرعي، واختلاف العيش أكثر تأثيرا وإيجابا للهرم، وضعف البدن من دوام العسرة، ولا يخفى أن وصف الليالي بالاختلاف لا يستفاد مع تفسير أبطئي أو أسرعي بالتسوية بين حالتها، فوصفها بالاختلاف مع هذا التفسير كما فعله الشارح محل نظر.

(مجاز) خبر أن (بقوله) متعلق باستدل (عقيبه) أي عقيب قوله ميز عنه قنزعا عن قنزع [أفناه] أي جعله فانيا أي معدوما لتنزيله منزلة الفاني لإشرافه على الفناء، أو فانيا بمعنى هرما، فإن فنى يجيء بمعنى انتفى وهرم، والضمير للشعر أو لأبي النجم [قيل الله للشّمس اطلعي] أي إرادته طلوع الشمس حتى إذا واراك أفق فارجعي، والمعنى أفناه إرادة الله جذب الليالي لأن جذب الليالي بطلوع الشمس والرجوع، ووجه الاستدلال أنه يدل على أنه موجد، وسيأتي أن الصدور عن الموجد من القرائن فإسناد ميز إلى الليالي المجذوبة؛ لأنه زمان أو سبب.

[وأقسامه أربعة]

(وأقسامه) أي المجاز العقلي كما يقتضيه بيان الإيضاح والمفتاح، وظاهر الكلام (أربعة) لكن لا اختصاص لها بالمجاز، فالحقيقة متروكة للمقايسة، لقلة الاهتمام بحالها، ولك أن تفسر الضمير بكل واحد من الحقيقة والمجاز، وتجعل الأمثلة لكل منهما، باختلاف حاليهما من الصدور من المؤمن والجاهل. لكنه تكلف يأباه عود ضمير وهو في القرآن كثير إلى المجاز، مع أنه يؤيده أنه لم يقل:

نحو قول المؤمن، كما قال سابقا: نحو قول الجاهل، وانحصار الأقسام في الأربعة ظاهر على مذهب المصنف، ولا يشكل بالطرف الجملة، وإن عرف الحقيقة والمجاز بالكلمة لأن طرفي الحقيقة والمجاز لا يكونان جملة عنده، لأنه اشترط في المسند أن يكون فعلا أو ما في معناه. نعم يشكل على مذهب السكاكي حيث جعل الحقيقة والمجاز مطلق الكلام؛ فإنه يجوز على مذهبه كون المسند جملة، كذا ذكره الشارح، وفيه أنه يشكل على مذهب المصنف بقولك: سرني ليلى، وقد أردت هذه اللفظة حين سمعتها؛ فإنه من سرك من تلفظ بها وليلى إذا أريد بها نفسها ليست بحقيقة ولا مجاز، لأن اللفظ إذا قصد نفسه وإن قيل بوضعه لنفسه لا يوصف بالحقيقة ولا بالمجاز، ولا بالاشتراك، صرح به الشارح في شرح

<<  <  ج: ص:  >  >>