للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[على أن إسناد ميّز] إلى [جذب الليالي] (في قول أبي النجم) (١) [قد أصبحت] أي صارت [أمّ الخيار تدّعي علىّ ذنبا كلّه] بالرفع، وأن يحوج إلى حذف مفعول: [لم أصنع]، بخلاف النصب، فإنه حينئذ يكون مفعوله ليفيد عموم النفي، ولأن الكل المضاف إلى الضمير لا يكون إلا تأكيدا أو معمولا للعامل المعنوي، [من أن رأت] أن ترميني بالذنوب تهمة من أجل أن كبرت، وأثّر فيّ الهرم الشديد إذ النسوان يبغضن الشيب، ويطلبن كمال شباب الحبيب [رأس كرأس الأصلع]. في القاموس: الصلع الخسار مقدم الرأس لنقصان مادة الشعر في تلك البقعة، وقصورها عنها، واستيلاء الجفاف عليها، ولتطامن الدماغ عما يماسه من العجف، فلا يسقيه سقية إياه، وهو ملاق صلع كفرج، وهو أصلع وهي صلعاء [مّيز عنه قنزعا عن قنزع] جملة مفسرة لرؤية رأس كرأس الأصلع، مبينة لوجه الشبه، وعن الثانية بمعنى بعد. والقنزع: جمع قنزعة وهو الشعر المجتمع حول الرأس، والمعنى ميز وسلب عن الرأس قنزعا بعد قنزع، فصار شعر نواحي رأسه قنزعات منفصلة بعضها عن بعض.

([جذب الليالي]) أي مضى أكثر العمر من قولهم جذب الشهر مضت عامته، وعبر عن أيام العمر بالليالي تنبيها على شدتها، وقيل لأن العرب تؤرخ الزمان بالليالي؛ لأن غرة الشهور من ابتداء رؤية الهلال، ومنها ابتداء السنة، وما ذكرنا أبلغ وأنسب، وتفسير جذب الليالي بمضيها بتجريد الجذب عن بعض معناه، كما في الشرح مستغن عنه بما ذكرنا.

([أبطئي، أو أسرعي]) إشارة إلى شدة الليالي، بحيث يقال في حقها أبطئي أو أسرعي لا مبالاة بك، إذ لا تفاوت بين سرعتك وبطئك، وهو حال عن الليالي بتقدير القول، أو إشارة إلى اختلافها في العسر والسهولة، ورداءة العيش


(١) الشعر في المفتاح (٥٠٤)، وأورده محمد بن علي الجرجاني في الإشارات (٢٥) وعزاه لأبي النجم، وبدر الدين بن مالك في المصباح (١٤٤)، والطيبي في التبيان (١/ ٣٢١).
والقنزع: الشعر حوالي الرأس، وتمام الشعر:
قد أصبحت أم الخيار تدعي ... عليّ ذنبا كله لم أصنع
من إن رأت رأسي كرأس الأصلع ... ميّز عنه قنزعا عن قنزع
... ... جذب الليالي أبطئي أو أسرعي
أفناه قيل الله للشمس اطلعي ... حتى إذا واراك أفق فارجعي

<<  <  ج: ص:  >  >>