يتجه على الشارح، حيث جعل ما لم يعلم ظرفا أي ما دام لم يعلم من أنه يفيد أنه حمل البيت بعد العلم بذلك على المجاز، وهو خلاف الواقع وفيه أن ما بمعنى ما دام يجعل الفعل مستقبلا، ولا يساعده المقام.
وقوله:(أن قائله) لم يرد ظاهره مكان قول المفتاح (لم يعتقد ظاهره) لأن العلم بعد الاعتقاد لا يكفي في الحمل على المجاز؛ لأنه يجوز أن يعلم مع ذلك العلم أنه يخفي اعتقاده. وقوله: لم يحمل على المجاز يحتمل الحمل على الحقيقة، والتوقف في الحمل.
قال الشارح المحقق: حين خفي التأول يحمل على الحقيقة لأنه إسناد إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر.
وقال السيد السند: منشأ هذا الحكم التسوية بين الحقيقة العقلية والحقيقة اللغوية، فكما أن اللفظ ظاهر في المعنى الموضوع له إذا خلا عما يصرفه عنه فهو ظاهر في الإسناد إلى ما هو له، إذا خلا عن التأول، والمبني فاسد؛ إذ الظاهر من المتكلم العاقل أن لا يعتقد الخطأ، وفيه نظر؛ لأن الإسناد إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر معناه نظر إلى ظاهر البيان، لا إلى ظاهر حال المتكلم، ولذا فسر بأن لا ينصب قرينة على خلافه.
هذا وفي قوله: ولهذا لم يحمل ... إلخ نظر؛ لجواز أن يكون عدم الحمل لظهور صدق تعريف الحقيقة عليه، لا لكونه خارجا عن تعريف المجاز بقيد التأول.
(كما استدل) متعلق بعدم الحمل أي ولأن التأول يخرج الكلام عن المجاز لتحقق عدم حمل قول الشاعر على المجاز، لعدم ظهور التأول، كالاستدلال في شعر أبي النجم على مجازية إسناد فيه، إذ لولا اشتراط التأول لم يستدل على مجازية بشيء بل يكتفي بأن المسند إليه فيه ليس ما هو له، والشارح جعله متعلقا بمحذوف، وجعل تقدير الكلام ما لم يعلم أو يظن، ولم يستدل بشيء على أنه لم يرد ظاهره كما استدل، ولا يخفى أنه مع أنه تكلف لا حاجة إليه يوجب أن يتوقف الحمل على المجاز على الاستدلال مع أنه كثيرا ما يحمل على المجاز لظهور استحالة قيام المسند بالمسند إليه عقلا.