للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند المتكلم لم يخرج، وإنما بين خروجه به، واستشهد له مع أنه لا خفاء فيه؛ لأن الجاهل ليس بمتأمل، لما أن ظاهر كلام المفتاح- بلا صريحه- على أنه لو لم يكن في التعريف قيد عند المتكلم لم يخرج، ويبطل به طرد التعريف، وجعل الشارح المحقق وجه التعرض التعريض بالمفتاح، وما ذكرناه لك أنفع.

فإن قلت: لو كان المراد ما ذكرته لينبغي أن يتعرض أيضا لخروج قول المعتزلي به؛ لأنه دخل في تعريف الحقيقة بقيد في الظاهر؛ فيتبادر من ترك هذا القيد في تعريف المجاز أنه لم يخرج عنه! ! قلت: التأول يدل دلالة ظاهرة على أن إسناد الكلام معه إلى غير ما هو له في الظاهر بخلاف اقتضائه عدم كونه معتقدا له.

(ولهذا) أي لأن مثل قول الجاهل خارج لقيد التأول عن حد المجاز (لم يحمل نحو قوله) أي الصلتان العبدي:

أشاب الصغير وأفني الكبير ... كرّ الغداة ومرّ العشيّ (١)

(على المجاز) أي إسناد الإشابة والإفناء إلى كر الغداة ومر العشي؛ لكونهما ملابسين لما هو له عند المتكلم، ولم يجعل معناه هذا الإسناد. وقال الشارح:

معنى قوله لم يحمل على المجاز لم يحمل على إسنادهما فيه مجاز، ولا يخفى أن العبارة لا تساعده.

(ما لم يعلم أو يظن) أي لانتفاء أحد الأمرين لا لأحد الانتفائين لأن أحد الانتفائين لا يكفي؛ بل لا بد من كلا الانتفائين، وهو إنما يستفاد من ترديد المنفي، لا من ترديد النفي؛ بأن يقال: ما لم يعلم أو لم يظن؛ فإعادة لم فيه كما فعله الشارح في شرحه لا يصح: فإن قلت: لا يكفي انتفاء العلم والظن بل لا بد من انتفاء التصديق مطلقا، إذ يكفي للحمل الحزم الغير الراسخ، مطابقا كان أو لا! ! قلت: إذا قوبل الظن بالعلم يراد به ما عدا العلم، نعم لو قال: ما لم يعتقد لكان أوضح وأخصر، ولما جعلنا ما مصدرية غير ظرفية، وما لم يعلم مفعولا له بتقدير اللام، لقوله لم يحمل لوجود شرائط حذفها خلص الكلام عما


(١) البيت لبدر الدين بن مالك في المفتاح ص ٥٠٣، والمصباح ص ١٤٢، والإشارات ص ٥، والتبيان ١/ ٣٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>