للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولك: شعر فلان؛ لأنه أنسب بمقام المبالغة، وجعله المرزوقي من قبيل داهية دهياء، وليل أليل، أي ما اعتاد به العرب من أخذ شيء من لفظ شيء، ووصفه بها تنبيها على كماله وبلوغه الغاية.

(ونهاره صائم) مثال لإسناد المبني للفاعل إلى الزمان (ونهر جار) مثال لإسناد المبني للفاعل إلى المكان (وبنى الأمير المدينة) مثال لإسناد المبني للمفعول إلى السبب، واكتفى ببعض الأمثلة؛ لأنه لم يتأت له ما هو دائر على ألسنتهم للباقي، فتركه على المقايسة.

قال الشارح المحقق: واعلم أن هذا المجاز قد يدل عليه صريحا كما مر وقد يكون كناية كما ذكروا في قولهم [سل الهموم] (١) إنه من المجاز العقلي، حيث جعل الهموم مخزونة بقرينة إضافة التسلية إليها، هذا وفيما ذكروه نظر؛ لأن (سل الهموم) حقيقته سل المهموم في الهموم، أو للهموم، فجل التعلق الظرفي أو السببي منزلا منزلة التعلق الإيقاعي، وأوقع التسلية على الهموم مبالغة في تعلقه الظرفي أو السببي، وليس في ذلك جعل الهموم مخزونة، فكيف يكون الكلام كناية عن جعل الهموم مخزونة وطلب التسلية الذي هو المعنى الصريح مقصودة بالإفادة؟ !

(وقولنا) في التعريف (بتأول يخرج نحو ما مر من قول الجاهل) ما مر:

أنبت الربيع البقل، ونحوه، شفى الطبيب المريض، وغيره من حقائق يطابق الاعتقاد دون الواقع: زاد لفظ النحو لعدم اختصاص الإخراج بما مر، ولم يقل يخرج ما مر من نحو قول الجاهل؛ إذ لم يسبق نحو قول الجاهل بل قول الجاهل لأن ذكر النحو فيه للتمثيل لا للتعميم، فتأمل، ولا تغفل. وإنما تعرض لبيان فائدة هذا القيد من قيود هذا التعريف وخص هذه الفائدة بالبيان مع أن له فائدة إخراج الكواذب مطلقا، وفائدة إخراج صادق يخالف الاعتقاد كقول المعتزلي المخفي: خلق الله الأفعال كلها؛ لأنه لما أدخل نحو قول الجاهل في تعريف الحقيقة يفيد عند المتكلم تبادر إلى الوهم أنه يجب أن يذكر في تعريف المجاز أيضا ليخرج بإضافة الغير إلى ما هو له عند المتكلم عن تعريف المجاز، فلما أهمل قيد


(١) البيت أورده بدر الدين بن مالك في المصباح (١٤٤)، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات (٥)، والصلتان العبدي هو قثم بن خبية بن عبد القيس من شعراء الدولة. وهو أيضا في المفتاح (٥٠٣) بتحقيق د/ عبد الحميد هنداوي، والتبيان (١/ ٣٢٠)، ومشكاة المصابيح (١/ ١٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>