للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكشاف.

وبقولنا: قيل: جاء ابن زيد فإنه حقيقة، وطرفها جملة، ويشكل الحصر مطلقا لجواز كون الطرف كناية، وإنما بين هذه الأقسام ليتضح الفرق بين هذا المذهب وما سيأتي من مذهب رد المجاز العقلي إلى الاستعارة بالكناية؛ لأن طرفيه حينئذ لا يكونان إلا مجازيين إن جعل التخييل مجازا، أو مجازا وحقيقة إن جعل التخييل حقيقة، وهذا يوجب تخصيص البيان بالمجاز. وقال الشارح:

فائدة البيان التنبيه على أن الإسناد المجازي لا يخرج الطرف عما هو عليه، وأزاله لما عسى أن يستبعد من اجتماع مجازين أو حقيقة ومجاز في كلام واحد، وإن كانا مختلفين، أقول بل لإزالة استبعاد تحقق المجاز العقلي؛ لأن ما ذكره من الاستبعاد يوجب هذا الاستبعاد؛ لأن المجاز العقلي لا يخلو عنه لأن طرفيه (إما حقيقتان) أي كلمتان مستعملتان فيما وضعتا له في اصطلاح التخاطب (نحو أنبت الربيع البقل) البقل ما نبت في بذره لا في أصل ثابت كذا في القاموس، والربيع ربيعان: ربيع الكلاء، وربيع الثمار، فالمراد بالربيع ربيع الكلاء، فكونه حقيقة ليس بواضح. ومن جهة أخرى وهو أن إنبات البقل من بعض أجزاء الربيع لا من جميعه.

(أو مجازان) أي كلمتان مستعملتان في غير ما وضعتا له في اصطلاح التخاطب، لعلاقة بينهما مع قرينة مانعة عن إرادة ما وضعتا له.

(نحو [أحي الأرض]) أي جعلها نافعة؛ فإن ما ينفع كالحي، وما لا ينفع كالميت، وحقيقة أعطاها الحياة، وهي صفة تقتضي الحس والحركة، وتفتقر إلى الروح والبدن [شباب الزمان] أي الأزمنة الشابة، على أن الشباب جمع شاب على ما في القاموس، وهو أعذب من جعله مصدرا والمراد به أزمنة قوتها المؤثرة الموهومة في الغاية، والشاب حقيقة حيوان حرارته الغريزية، مشبوبة مشتعلة أي في كمال القوة.

(أو مختلفان أنبت البقل شباب الزمان، أحيا الأرض الربيع) وباعتبار الهيئة الدالة على المجاز أيضا قسمان؛ لأنها إما حقيقة نحو أنبت الربيع البقل، وإما مجاز نحو أنبت الربيع البقل، بمعنى الخبر، ولو اعتبرت مع الطرفين يحصل

<<  <  ج: ص:  >  >>