هو كذلك، والألم كمال ونيل لما هو عند المدرك آفة وشر، من حيث هو كذلك.
وكل منهما حسي وعقلي، أما الحسي فكإدراك القوة الغضبية أو الشهوية ما هو خير عندها وكمال كتكيف الذائقة بالحلو، واللامسة باللين، والباصرة بالملاحة، والسامعة بصوت حسن، والشامة برائحة طيبة، والمتوهمة بصورة شيء ترجوه، وكذلك البواقي.
فهذه مستندة إلى الحس. أما العقلي فلا شك أن للقوة العاقلة كمالا وهو إدراكاتها المجردة اليقينية، وإنما يدرك هذا الكمال ويلتذ به، وهو اللذة العقلية وقس على هذا الألم فاللذة العقلية ليست من الوجدانيات المدركة بالحواس الباطنة، وكذا الألم وهو ظاهر، وأما اللذة والألم الحسيان فلما كان عبارتين عن الإدراكين المذكورين، والإدراك ليس مما يدرك بالحواس الظاهرة دخلا بالضرورة فيما عدا المدرك بإحدى الحواس الظاهرة، وليس من العقليات الصرفة؛ لكونهما من الجزئيات المستندة إلى الحواس، بل من الوجدانيات المدركة بالقوى الباطنة، كالشبع والجوع والفرح والوهم والغضب، وما شاكل ذلك.
هذا كلامه، وتتمة تحقيق المقام أن المراد بالإدراك العلم، وبالنيل تحقق الكمال لمن يلتذ؛ فإن التكيف بالشيء لا يوجب الألم واللذة من غير إدراك؛ فلا ألم ولا لذة للجماد بما يناله من الكمال والآفة، وإدراك الشيء من غير النيل لا يؤلم ولا يوجب لذة، كتصور الحلاوة والمرارة، وإنما قال: من حيث هو كذلك؛ لأن الشيء قد يكون مؤلما وموجبا للذة، والفرق بالحيثية، وإنما قال كمال؛ لأنه يستلزم البراءة من القوة وكمال الشيء خروجه من القوة إلى الفعل، وإنما قال خير باعتبار أنه مؤثر، واللذة باعتبار الحصول والتأثير، كذا ذكره المحقق الطوسي في شرحه للإشارات.
وفيما ذكره الشارح أبحاث:
أحدها: أن المتبادر من اللذة والألم ما هو جسماني، لا روحاني، سواء كان الإدراك بالحس أو بالعقل مثلا نيل الذائقة لحلاوة إذا أدرك لذة الجسمانية، سواء أدرك هذا النيل بوجه جزئي، فيكون الإدراك بالحس أو أدرك بوجه كلي فيكون عقليا صرفا.