للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بفضلة) (١) لنكتة المتعارف فيما بين علماء العربية كون الفضلة بمعنى يقابل العمدة، فالشارح المحقق حفظ المتعارف، ومنهم من جمله على ما يزيد على أصل المراد، ولا يفوت بحذفه، فرده الشارح المحقق في المختصر بأنه لا تخصيص بذلك للتتميم، وبأنه كذّبه بذلك كلام المصنف في الإيضاح، وكلاهما ضعيفان.

أما الأول، فلأن المصنف غير متحاش عن ذكر ما لا يخص بقسم في قسم يشهد قوله في تعريف الإيغال بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها.

وأما الثاني، فلأن المصنف لم يزد في هذا المقام في الإيضاح على ما في التلخيص إلا تكثير الأمثلة مع أنه لم يمثل بغير الفضلة، نعم ما ذكره في بحث الاعتراض أن من اشترط في الاعتراض كونه بين كلامين أو في أثناء كلام، وجوز كونه غير جملة يشمل الاعتراض عنده بعض صور التتميم ينافيه فإنه لو لم يكن التتميم مخصوصا بالفضلة لم يتوقف شمول الاعتراض بعض صوره على تجويز كونه غير جملة، بل يشمل عنده من لم يجوزه أيضا إلا أنه يبعد أن يكون مراده هذا الموضع؛ لأنه مذكور في نفس الكتاب فلا معنى للإحالة بالإيضاح، ثم التخصيص بالفضلة يوجب أن لا يكون قولنا: زيد يقاسي مشقة الجوع، ويطعم الطعام من التتميم، مع أنه كقولنا: زيد يطعم الطعام مع مقاساة شدة الجوع، ولا يخفى أنه بعيد عن الاعتبار جدّا.

(كالمبالغة نحو: وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ (٢) في وجه أي مع حبه) من وجهين ذكرا في تأويل النظم، وهو كون ضمير حبه للطعام إما على توجيه آخر، وهو كونه لله فلا يكون من الإطناب؛ لأنه لتأدية أصل المراد لا تقول على الوجه الأول أيضا هو لأصل المعنى؛ لأنه لا بد منه في أداء أنهم يطعمون الطعام مع حب الطعام؛ لأنا نقول: لولا المبالغة في الإطعام لم يكن لإفادة أن الإطعام مع حب الطعام وجه، ولم يقصد إليه البليغ، ولا يبعد أن يجعل الضمير للإطعام، أي: يطعمون الطعام بناء على حب الإطعام، فيكون


(١) المراد بالفضلة المفعول ونحوه لا ما يتم أصل المعنى بدونه؛ لأن هذا لا بد منه في كل أنواع الإطناب ولا يخص بالتتميم، وبهذا يكون التتميم أخص من الإيغال من هذه الناحية؛ لأنه لا يتقيد بها، ويكون أعم من ناحية أنه قد يكون في غير الآخر بخلاف الإيغال، ويسمى التتميم التام أيضا.
(٢) الإنسان: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>