للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دون العكس، فأسلم تدخل النار، أبعد من: لا تكفر تدخل النار، وفيه أن الأمر بالشىء يتضمن النهي عن ضده، فالأمر بالشىء أيضا يشتمل على ذكر عدمه بهذا الاعتبار.

(ويجوز في غيرها) أي: تقدير الشرط في غير المواضع الخمسة (لقرينة) قلت وكذا معها لقرينة لو لم يقدر من جنس المذكور من الخمسة (نحو: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ (١) أي: إن أرادوا وأولياء بحق) الأظهر أن الشرط المقدر إن أرادوا أولياء؛ لأن قوله: هُوَ الْوَلِيُّ للحصر وتنزيل غيره منزلة العدم لا ينحصر الولي بحق، والظاهر أنه قصر قلب، بدليل أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ، أي: متجاوزين الله، فإنه ظاهر في ترك الله، واتخاذ غيره وليا، لكن الشارح جعله قصر إفراد، وقد يمنع وجود القرينة في المثال المذكور لصحة تفرع، فالله هو الولي على ما قبله؛ لأن الاستفهام المستفاد من قوله: أم اتخذوا للإنكار فيؤول إلى النفي أي: لا يليق أن يتخذوا من دون الله وليّا، فالله هو الولي، وأجاب عنه الشارح المحقق بأنه ليس كل ما فيه معنى الشىء حكمه حكم ذلك الشىء؛ إذ لا يخفى على ذي طبع حسن قولنا: لا تضرب زيدا فهو أخوك، بخلاف أنضرب زيد فهو أخوك؟ استفهام إنكار، وإنما يحسن بالواو الحالية، والجواب بعيد عن التحصيل، أما أولا: فلأن ما ذكر في بيان أن ليس كل ما فيه معنى الشىء حكمه حكم ذلك الشىء مما لا يفيده؛ لأن معنى أتضرب زيدا؟

ليس معنى النهي، بل نفي اللياقة، فالشرط المقدر بعده أن لا يليق أن تضرب زيدا فهو أخوك بخلاف النهي، فإن الشرط المقدر بعده: إن لا تضرب زيدا فهو أخوك، ولا خفاء في أن نفي الضرب يصير سببا لبقاء الأخوة دون نفي لياقة الضرب، فإنه يجامع الضرب، ولا يبقى معه الأخوة، وإما ثانيا فلأن النفي المذكور غير حق؛ لأن ما فيه معنى الشىء حكمه الذي يقتضيه المعنى حكم ذلك الشىء بلا شبهة، وأما ثالثا: فلأن ورود منع القرينة لا يتوقف على أن يكون حكم ما فيه معنى الشىء حكم ذلك الشىء لا محالة، بل يكفيه جواز أن يكون كذلك، وهاهنا بحث وهو أن ما مر أنه يجوز تقدير الشرط بعد هذه الأربعة إن أريد به جواز تقدير الشرط بعدها باعتبار معانيها الحقيقة، يدخل الدعاء والالتماس في


(١) الشورى: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>