لحرف النداء، والشائع فيه أي: وقد يعدل عنه إلى مضاف، أو علم، أو معرف باللام، وفي كون المعرف باللام منادى لنصبه، وفي كون العلم منادى لنصبه دون البناء على الضم مزيد تكلف، ولذا أنكر النداء في الأول ابن الحاجب، ولتفصيله كتب النحو، وتناول الغاية منه لو نلت شرحنا على الكافية، ولما كان الاختصاص مع نقله عن معناه الأصلي منقولا إلى محل من الإعراب دون الإغراء خصه بقوله (أي: متخصصا من بين الرجال) تنبيها على أنه يمكن في موضع الحال.
(ثم الخبر قد يقع موقع الإنشاء) طلبا كان كالأمثلة المذكورة أو غيره كالخبر الذي يذكر للمدح، أو الذم، أو التحسر، أو التعجب.
(إما للتفاؤل) بإبرازه في صورة الحاصل (أو لإظهار الحرص في وقوعه) حتى كأنه يخيل إليه حاصلا (كما مر) من قوله: إن ظفرت بحسن العافية فهو المرام، فهو تنظير.
(والدعاء بصيغة الماضي من البليغ يحتملهما) معا بأن يقصدهما معا، وعلى سبيل البدل بأن يقصد أحدهما، والأظهر أن الدعاء ممن يعرف هذين النكتتين يحتملهما سواء كان بليغا أو لا وحمل البليغ عليه بعيد (أو للاحتراز عن صورة الأمر)؛ لئلا يؤدي إلى سوء الأدب، والأولى أو للاحتراز عن صورة الاستعلاء ليشمل الاحتراز عن صورة النهي أيضا، وفيه أن الدعاء بصيغة الماضي يحتمله أيضا، فلم خص الاحتمال بما سبق، ولك أن تجيب بأن صيغة الماضي لا مدخل له في الاحتراز عن صورة الأمر، وللعود محال، إذ النكتة لا تجب أن يرجح الشىء على جميع الأغيار، ولك أن تقول: يكفي هذا القدر من الفرق نكتة لتخصيص الاحتمال بالسابقين تأمل (أو لحمل المخاطب على المطلوب بأن يكون ممن لا يحب أن يكذب) من التكذيب، أي: ينسب إلى الكذب (الطالب)(١) فإنك إذا جئت بالخبر مع إرادة الطلب ينسب الطالب إلى الكذب نظرا إلى ظاهر اللفظ، كذا قيل، ولا يخفى أنه تكلف، والأحق الأدق أن في التعبير عن ايتني غدا بقولك: تأتيني غدا دعوى أن المخاطب يبادر إلى الإجابة لا محالة حتى
(١) كأن تقول لصاحبك: «تأتيني غدا» بدل اثتني، لتحمله بلطف على الإتيان؛ لأنه إذا لم يأتك صرت كاذبا وهو لا يحب تكذيبك.