التصريف أو عدم الفرق بين ما ثبوت حكم لشيئين، وبين مشاركة أحدهما للآخر أو الغفلة عن اعتبار القصد فيما يسند إلى ذوي الاختيار لما ذكرناه اندفع ما يقال:
إنه لو اعتبر القصد في الدلالة لم يكن للفظ دلالة على المدلولات التضمنية والالتزامية؛ لأنه فرق بين دلالة المتكلم ودلالة اللفظ.
نعم يتجه عليه أن هذه الأمثلة على تقدير قصد المشاركة فيها يدل على التشابه، وفرق بين التشابه والتشبيه يدل عليه ما سيذكره المصنف فيما بعد، فإن أريد الجمع بين أمرين في شيء فالأحسن ترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه.
(والمراد هاهنا) الأولى: وهو هاهنا أي: التشبيه في الاصطلاح ليعلم أن هذا بيان معنى آخر للتشبيه، وأما عبارته فتوهم أن معنى التشبيه هو ما سبق، والمراد منه هاهنا قسم منه بطريق ذكر العام وإرادة الخاص (ما لم يكن) أي:
تشبيه لم يكن (على وجه الاستعارة التحقيقية) نحو: رأيت أسدا في الحمام، ولا على وجه (والاستعارة بالكناية) نحو: أنشبت المنية أظفارها، ولا إهمال في التعريف بترك التقييد بأن لا يكون على وجه التمثيل؛ لأن الاستعارة التمثيلية داخلة في التحقيقية وأن يوهم عبارة المصنف فيما بعد.
وحسن كل من الاستعارة التحقيقية، والتمثيل برعاية جهات حسن التشبيه أن التمثيل تقابل التحقيقية (و) لا على وجه (التجريد) قيد به ليخرج تشبيه لتضمنه التجريد، فيما إذا لم يكن تجريد الشيء عن نفسه؛ لأنه حينئذ لا تشبيه نحو: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ (١) فإنه لانتزاع دار الخلد من جهنم، وهي عين دار الخلد لا تشبيه به، بخلاف نحو: لقيت بزيد أسدا، فإنه لتجريد أسد من زيد، وأسد مشبه به لزيد، لا عينه، ففيه تشبيه مضمر في النفس فمن احترز به عن نحو: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ فلم تجرد عقله عن غواشي الوهم، وكأنّ حبالة الوهم فيه تعريف التجريد بالانتزاع عن أمر ذي صفة آخر مثله فيها، فيوهم أن في كل تجريد تشبيه فأمعن النظر، واستيقن مظان الخطر؛ لئلا يفتضح من سوء الأثر.
وزعموا أن إخراج التجريد من التشبيه مخالفة من المصنف مع المفتاح؛ حيث صرح بجعل التجريد من التشبيه، وسنذكر لك في الخاتمة تحقيقا يظهر منه أن لا