خلاف بينهما، والمفتاح أيضا معه في هذا التقييد، وإنما لم يكتف بقوله: لا على وجه الاستعارة؛ لأن وجه الاستعارة لفظ مشترك بين الاستعارة التحقيقية والاستعارة بالكناية عنده، فلا تصح إرادة معنييها في إطلاق واحد، ولم يذكر الاستعارة التخييلية؛ لأنه عنده إثبات لوازم المشبه به للمشبه بطريق المجاز العقلي، وليس فيه دلالة على مشاركة أمر لأمر، فهو لم يدخل في المراد بكلمة ما من التشبيه اللغوي، حتى يحتاج إلى مخرج. وإما على مذهب السكاكي وهو أن الاستعارة مشترك معنوي بين الكلي والتخييلية، استعارة اللفظ لموهوم شبه بالمحقق فيجب الاكتفاء بقوله ما لم يكن على وجه الاستعارة؛ لأن في التقييد تطويلا، بل إفسادا.
قال الشارح: وينبغي أن يزاد فيه قولنا: بالكاف ونحوه لفظا أو تقديرا ليخرج عنه نحو: قاتل زيد عمرا، وجاء زيد وعمرو، وفيه أنه خرج من تفسير كلمة ما بالتشبيه؛ لأنه ليس تشبيها، وإنما يجب بقيد تعريف التشبيه اللغوي، ولما كان دخول نحو قولنا: زيد أسد. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ (١) في التفسير المذكور للشبيه مشكوكا للاختلاف في أن أمثالهما استعارة أو تشبيه بليغ صرح بما هو مراده أو مذهبه فقال (فدخل فيه نحو قولنا: زيد أسد) مما حذف فيه أداة التشبيه، وجعل المشبه به خبرا أو ما في حكمه لمشبه مذكور (ونحو قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) مما جعل المشبه به خبرا، وإنما جعل مع حذف الأداة خبر المشبه محذوف، أو جاريا مجرى الخبر من الحال، والمفعول الثاني من باب علمت، والصفة والمضاف إليه نحو: ماء اللجين، أي: ماء هو اللجين، ولا يذهب عليك أنه يجوز أن يجعل المشبه به مبتدأ نحو: الأسد زيد؛ لأن المبالغة في التشبيه تدور على دعوى الاتحاد، وجعل المشبه به مبتدأ وجعله خبرا سيان في ذلك، وتقرب منه لجين الماء فإنه في معنى لجين هو الماء، فخذه ولا تعرض عن الحق وإن غفل عنه كثيرون.
وفي إيراد: زيد أسد، وصم بكم عمي، زيادة مبالغة في كون التشبيه البليغ تشبيها لا استعارة لماء أن زيد أسد أقرب إلى الاستعارة من زيد الأسد، كما