للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدوث شيء هو من الجنس المذكور، إلا أنه اختص بصفة عجيبة لم يتوهم جوازها، بل المقصود منه التشبيه بما ادعى حدوثه على الوجه المذكور، والمفهوم من التشبيه كون الممدوح مثل هذا الفرد الذي هو أقوى الأفراد أو دونه، ولا يناقض ذلك كون هذا الفرد المشبه به أقوى الجنس بأن يكون دم ما تعارف كونه أقوى الجنس خضاب يده.

نعم؛ المشبه به أمر خيالي لا تحقق له فقد لاح بما ذكرنا أن الحق ما عليه ظاهر كلام المصنف من جعل أمثال زيد أسد، تشبيها مطلقا، ولا يقدح فيه ما ذكره الشيخ، وأما ما ذكره الشارح في بحث الاستعارة من أنا لا نسلم (١) أن قولنا: زيد أسد، يجب أن ينصرف إلى معنى قولنا: زيد كالأسد، لعدم صحة حمل الأسد؛ لعدم توقف صحة الكلام عليه، فليكن في تقدير زيد رجل شجاع بأن يكون الأسد مستعار للرجل الشجاع بقرينة حمله على زيد، فليس بشيء؛ لأنه لا ينكر إمكان جعل الأسد في المثال المذكور الاستعارة إنما ينكر كونه استعارة، مع كون التشبيه بين زيد والأسد؛ لأن الاستعارة لا تجامع مع ذكر المشبه أو تقديره، ولا خفاء في أنه على ما ذكره ليس زيد مشبها، بل المشبه رجل شجاع، وهو ليس بمذكور في نظم الكلام ولا مقدر، فالأظهر أن نحو أسد على استعارة؛ لأن تعلق الجار به حينئذ أوضح؛ لأنه في معنى يجترئ وإن أمكن التعلق حين قصد التشبيه أيضا لتضمنه معنى الاجتراء؛ لكونه وجه الشبه.

وقد جعل السكاكي نحو: لقيت من زيد أسدا تشبيها، والمصنف أخرجه من تعريف التشبيه باشتراط أن لا يكون على وجه التجريد ولم يجعله أحد استعارة، وإنما خالف السكاكي فيه؛ لأن الإتيان باسم المشبه به ليس لإثبات التشبيه؛ إذ لم تقصد الدلالة على المشاركة، وإنما التشبيه مكنون في الضمير لا يظهر إلا بعد تأمل.

ولم تجعل الاستعارة بالاتفاق؛ لأنه لم يجر اسم بالمشبه به على المشبه لا باستعماله فيه ولا بإثبات معناه له، وهذا النزاع لفظي راجع إلى تغيير التشبيه، كذا يستفاد من الشرح.


(١) في الأصل (نم) وما ذكرناه أوفق للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>