اللازمة على توجيه «المفتاح» مغنية عن الحقيقة المتعدية لاستغنائها عن تقديرها وصفا لمؤنث محذوف، بخلاف توجيه القوم فإن اللازمة والمتعدية فيه سيان، وسمي المجاز بالمصدر الميمي مبالغة في جوازه عن مكانه الأصلي، حتى كأنه عيّن الجواز حتى نصب قرينة له مانعة عن إرادة الموضوع له، بخلاف الكناية فإنها وإن جازت مكانها الأصلي، لكن لا بالكلية فاحفظه؛ فإنه وجه بديع يندفع به ما وجه به نظر المصنف أنه لو كان التسمية بالمجاز لكون اللفظ جائزا عن مكانه الأصلي لناسب التسمية بالجائزة، كالتسمية بالحقيقة، فالظن أن التسمية؛ لأن اللفظ طريق إلى المعنى يسلكه السامع من قولهم جعلته مجازا إلى حاجتي أي:
طريقا إليها.
(وقد يقيدان باللغويين)(١) رفعا لتوهم إرادة الإسناد، والأكثر حمل الإطلاق على اللفظ، والتقييد بالعقلي للإسناد؛ إذ في هذا التقييد حدوث التباس حدوث العام بالخاص، فهو كالهرب من ورطة إلى ورطة أشد منها، فتأمل.
وقد نبهك بهذا على ما يصونك عن الوقوع في توهم أن تقسيم كل من الحقيقة والمجاز إلى اللغوي والشرعي، والعرفي العام والعرفي الخاص تقسيم للشيء إلى نفسه، وإلى غيره، ومثل هذا التوهم غير عزيز، إذ الواهمة في أمرها غير فاترة لكل ذي فطنة ضعيفة قاصرة، حتى شاع مثله في تقسيم العلم إلى التصور والتصديق إلى غير ذلك، والمؤلف عامة أمره مع الضعفاء، فينبغي أن لا يهمل في الذهاب عنها، حتى يكون آتيا بحق الوفاء والتذكير ليفيد أن اللغويين يغلبون المجاز على الحقيقة لتذكيره وكونه أهم.
(والحقيقة) آثرها على الضمير تنبيها على اختلاف المراد، فإن الأول من جملة اسم المبحث.
(الكلمة) خرجت به الأصوات فإنها ليست بكلمة؛ لأنها ليست بموضوعة كما حقق في محله (المستعملة فيما وضعت) تلك الكلمة (له) من المعنى (في اصطلاح
(١) إنما يقيدان بذلك ليخرج عنهما الحقيقة والمجاز العقليان، وقد سبقا في باب الإسناد الخبري من علم البيان، وبهذا يكون المراد باللغوي منهما ما قابل العقلي فيدخل فيه الشرعي والعرفي الآتيان.