للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذكر اعتباره واقتصر بغاية الخلاف، ولا يخفى أن تعريف التقابل على ما ذكره يبطل التمثيل بالسواد والبياض، فعليك بحمله على المشهور كما ذكرنا أو بعدم اعتبار هذا القيد في تعريف الحقيقي (كالسواد والبياض، والإيمان والكفر) قال الشارح: الحق أن بينهما تقابل العدم والملكة، لا تقابل التضاد؛ لأن الإيمان:

هو التصديق للنبي- عليه الصلاة والسّلام- في جميع ما علم مجيئه به بالضرورة، أعني قبول النفس لذلك والإذعان له من غير جحود وإباء مع الإقرار باللسان، والكفر: عدم الإيمان عمن من شأنه أن يكون مؤمنا، هذا يريد أن الأولى جعله في شبه التضاد (وما يتصف بها) أي: بالمذكورات كالأسود والأبيض، والمؤمن والكافر (أو شبه تضاد (١) كالسماء والأرض) فإنهما يشبهان الأسود والأبيض في الاتصاف المعقول عند تعقلهما بالمتضادين، وهو غاية الارتفاع وغاية الانحطاط، وإنما افترقا بدخول الوصف في الأسود والأبيض، وخروجه عنهما فالأولى أن يقول: وما يشتق منه، مكان قوله: وما يتصف بها.

(والأول والثاني) الأول هو السابق على الغير وغير المسبوق به، والثاني هو المسبوق بواحد فقط، والفرق بينهما، وبين الأسود والأبيض بأن السلب جزء مفهومي وصفيهما دون الأسود والأبيض، فإن عدم المسبوقية جزء مفهوم الأول، وعدم المسبوقية بغير الواحد جزء مفهوم الثاني، وفرّق الشارح بوجه آخر أيضا وهو أن المتضادين يجب أن يكون بينهما غاية الخلاف وليس ذلك بين الأول والثاني، فإن خلاف الثالث معه أكثر منه.

وقال السيد السند: إن هذا القيد لم يعتبره من اعتبره إلا في التضا:

الحقيقي، دون التضاد المشهور، وبهذا الاعتبار انحصر التقابل في الأقسام الأربعة وكأنه اعتبره الشارح في تعريف التضاد ليتمكن من هذا الفرق، والأولى تركه والاكتفاء بالفرق الآخر.


(١) معطوف على «تضاد» والمراد بشبه التضاد تقابل الشيئين اللذين لا يتنافيان في ذاتهما، ولكن يستلزم كل منهما معنى ينافي ما يستلزمه الآخر، ومن الوصل للجامع الوهمي قوله تعالى آية ٨٢ سورة التوبة:
فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً وقوله تعالى آية ١٣، ١٤ سورة الانفطار إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ وقول الشاعر:
إن كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة ... ولا تك بالترداد للرأي مفسدا

<<  <  ج: ص:  >  >>