إلى غير ذلك معللة بالأحوال، ولما هو الأليق بالاعتبار؛ لأن الحال عند التحقيق لا يقتضي إلا الخصوصيات دون الكلام المشتمل عليها، والشارح أراد المحافظة على ظاهر مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فوقع في الحكم بأن مقتضى الحال هو الكلام الكلي، والمطابق هو الكلام الجزئي، ومطابقة الجزئي للكلي على عكس اعتبار الميزانيين من مطابقة الكلي للجزئي، فعدل عما هو ظاهر المنقول، وعما هو المعقول، وارتكب كلفة مطابقة الجزئي للكلي، مع أن المحمول بالطبع هو الكلي، واللائق اعتبار مطابقته للجزئي.
(مع فصاحته) قيل خالف في هذا القيد السكاكي فقيل إنه لا يشترط شيئا من فصاحة الكلام في البلاغة، وليس رجوع البلاغة إلى البيان لاشتراطها بالخلو عن التعقيد المعنوي؛ بل لمعرفة أنواع المجاز والكناية وعلاقاتها، لئلا يخرج فيها عن اعتبارات اللغة، وقيل إنه لا يشترط في البلاغة من الفصاحة سوى الخلوص عن التعقيد المعنوي.
(وهو) أي مقتضى الحال (مختلف فإن مقامات الكلام متفاوتة) كان الظاهر أن يقول فإن الأحوال متفاوتة، إلا أنه نبه على ترادف الحال والمقام، قال الشارح المحقق: الحال والمقام متقاربا المفهوم، والتغاير بينهما اعتباري، فإن الأمر الداعي مقام باعتبار توهم كونه محلا لورود الكلام فيه على خصوصية ما، وحال باعتبار توهم كونه زمانا له، ولا يخفى أن وجه التسمية لا يكون داخلا في مفهوم اللفظ، حتى يحكم بتعدد المفهوم بالاعتبار، ولذا حكمنا بالترادف، ثم الظاهر أنه سمى مقاما لأنه كما أن تفاوت مراتب الرجال تثبت بالمقامات كذلك تفاوت مراتب الكلام بالأحوال، وسمي حالا لأنه مما يتغير ويتبدل، كالحال الذي عليه الإنسان، فإن قلت يتجه على ما ذكره الشارح أن تفاوت المقامات لا يستدعي تفاوت مقتضيات الأحوال لجواز أن لا تتفاوت الأحوال، ويكون تفاوت المقامات باعتبار ما اعتبر فيه! ! قلت: المراد أن ذات مقامات الكلام متفاوتة، ومما فرق بين الحال والمقام أن المقام يضاف إلى المقتضى فيقال: مقام التأكيد والحال إلى المقتضى فيقال حال الإنكار، ثم المقصود من هذا الكلام يحتمل أن يكون وصية المتكلم بالاحتياط في تطبيق الكلام على مقتضى الحال فإنه