في معرض الاختلال؛ لاختلافها باختلاف الأحوال، وأن يكون بيان وجه كون المقتضيات مختلفة، وعدم اعتبارها على نحو واحد، يعني إنما جعل خصوصيات الكلام مختلفة لإنها لإفادة الأحوال، ولا بد للأمور المختلفة من دوال مختلفة، لتستفاد منها، وهذا كما سمعت من علماء النحو، إنما وضعت الإعراب مختلفة ليدل على المعاني المعتورة على المعرب، وعلى الاحتمالين لا ينبغي لك أن تنازع معه بأن الأحوال المتكثرة كثيرا ما يجتمع على مقتضى كما ترى من اجتماع الإفراد والنوعية والتعظيم والتحقير والتنكير والتقليل، على التنكير إلى غير ذلك، وبأن المقتضيين قد يكونان لمحال واحد كالتنكير واسم الإشارة، فإنهما يكونان لتعظيم أو تحقير، وذلك لأن ما ذكرت لهما نظيران هو الاشتراك والترادف، وكلاهما على خلاف طبيعة قانون الوضع، فخلاف الظاهر لا يسعه أن يورد نقصا على دعوى انتفاء تحقق ما هو الظاهر، فكن معنا ولا تفارقنا إن لم تحرم عن المشاعر.
(فمقام كل) شروع في بيان اختلاف المقامات، وقال الشارح المحقق: وفيه إشارة إجمالية إلى ضبط بديع للمقتضيات، حيث فصل فيها بين ما يخص أجزاء الجملة، وما يخص الجملتين فصاعدا، وما لا يخص شيئا منها، والثاني مقام الفصل والوصل، والثالث مقام الإيجاز وخلافه، والأول ما عداهما، أقول مع تقديم ما هو الأصل والتصريح به، وتأخير ما هو الفرع وبيانه إجمالا فيما أجمل، ألا ترى أن التنكير مثلا أصل، والتعريف فرعه؟ ! وكذا الفصل لكن المناسب حينئذ أن يقول: ومقام المساواة يباين مقام خلافه، ويمكن أن يعتذر بأنه لما كان في سلوك طريق الإيجاز دعا اهتمامه بالإيجاز إلى ذكره، ولا يذهب عليك أن ضبطه لأكثر المقتضيات لا بجميعها، فإن من المقتضيات ما يخص بنفس الجملة، كالتعبير عن الخبر بالإنشاء وبالعكس، ومنها ما يخص لجزئي الجملتين كإعادة اسم ما استؤنف عنه، نحو: أحسنت إلى زيد زيد حقيق بالإحسان، وإن الذكر والحذف المذكورين في الفصل الأول لا يخص بأجزاء الجملة، بل يعم الجملة والجملتين فصاعدا فمقام كل (من التنكير) أي شيء كان المنكر من أجزاء الجملة (و) كذا (الإطلاق والتقديم والذكر يباين مقام خلافه) ظاهره مقام خلاف كل، وليس لنا مقام هو بخلاف كل، وهذه شبهة صعبت على المهرة، وغاية ما