الظاهر، ففي صدق هذه الدعوى نظر، إلا أن يقال: أشار بهذا إلى ما هو المقاصد من المباحث المتقدمة.
(وقد يخرج الكلام على خلافه) أي: مقتضى الظاهر، أو الظاهر في هذا الباب وغيره- أيضا- كما علمت أنه يخرج كذلك في باب الإسناد غير مرة، لأسرار خفية مع أولى بصائر ذكية، وهذا النوع، وإن كان ذا مزية، وفي درجة علية بحق أن لا يكون مكثورا لما يقابله، لكن قل بالنسبة إليه لما قل مستعده، ومقابله، وقائله، فلذلك أتي بكلمة:«قد» مع المضارع، إشارة إلى أن مقابله هو الكثير الشائع، وبدأ فيه بوضع الضمير موضع الظاهر على خلاف ما في المفتاح حيث ابتدأ بوضع اسم الإشارة موضع الضمير؛ لأنه يفوق ما وراء كيف، وهي في ضمائر أكثر من تلك المواقع لا يعدون خلاف مقتضى الظاهر فقال:(ويوضع الضمير موضع المظهر)، وذلك إذا لم يتقدم المرجع بلفظ دال عليه، أو بقرينة، وهكذا ورثنا من الأكبر، فالأكبر، ويقول العبد الأصغر لا يبعد أن يجعل الإخراج على خلاف مقتضى الظاهر تقديم المفسر، وتأخير المفسر، فيكون الإخراج مما هو مقتضى ظاهر الحال من التقديم إلى خلافه من التأخير، وبالعكس الأول في التفسير؛ لأنه في باب الضمير حقه التقديم، وثانيهما: في الضمير؛ لأن حقه التأخير ولا يخفى لطف التعبير عن وضع المضمر موضع الظاهر بإخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر (كقولهم: نعم رجلا مكان:
نعم الرجل)، ونعم رجلين مكان: نعم الرجلان، ونعم رجالا مكان: نعم الرجال، فقد أشار إلى أن الضمير عبارة عن متعقل مبهم يفسره التمييز، وهو مع تمييزه بمنزلة الرجل، واختلف في الرجل هل هو بمعنى كل رجل؟ فجعل الممدوح بمنزلة جميع أفراد الرجل مبالغة، أو بمعنى هذا الجنس بجعله بمنزلة نفس الجنس مبالغة، أو بمعنى مبهم بحسب الوجوه، فإن الإبهام يناسب الكمال، والتعظيم، وقيد التمثيل، بقوله:(في أحد القولين) كما قيده المفتاح مرادا به القول بأن: نعم الرجل جملة مستقلة، والمخصوص بالمدح خبر مبتدأ محذوف؛ احترازا به عن القول بكون نعم الرجل خبره، ففي توجيه الاحتراز، مع أنه لا خلاف في أن ذلك الضمير مبهم على كل تقدير، فوجهه الشارح المحقق أن التقييد