بأن كون الضمير مبهما مقطوع به في هذا القول، وفي القول الآخر يحتمل الرجوع إلى المخصوص، فأشكل عليه أمور أحدها: أن الضمير حينئذ متعين لا إبهام فيه، ففات الإبهام، ثم التفسير، ولم يبق لإيراد التمييز معنى، ووجب إبراز الضمير في التثنية والجمع.
فأجاب بأن الاستتار من خواص هذا الباب، ولهذا الباب خواص وبأن الإبهام والتفسير يكفي له تأخير المرجع، والتمييز للتأكيد كما في: نعم الرجل رجلا وقوله تعالى: ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً (١) هذا وتبعه السيد السند في شرح المفتاح، ولا يخفى ما فيه من التكلفات، بل التعسفات على أن الإبهام العارض من تأخير المرجع لا يكفي في التمييز؛ لأنه لرفع الإبهام المستقر، ولعدم تعقل كلام السلف على ما لا ينبغي وجب توجيه أمثال هذه الآفات، ونحن نقول:
احتراز عن القول الآخر؛ لأنه على ذلك القول ليس من قبيل وضع المضمر موضع المظهر؛ لأن المقام ليس مقام المظهر، بل هو من قبيل وضع مضمر مبهم مقام مضمر معين، فإن قلت: قد تقرر في النحو أن ضمير الغائب وضع لما تقدم ذكره لفظا أو معنى، أو حكما، وأن الضمير المبهم سواء كان ضمير الشأن، أو غيره مما وضع لغائب تقدم حكما، فكيف صح جعله خلاف مقتضى الظاهر وهو مستعمل فيما وضع له؟ قلت: شاع استعماله في غير المتقدم حكما، فمقتضى الظاهر في مقام يلتبس المراد منه، ولا يتضح أن يؤتى بما يتضح منه المراد، وإن كان الإتيان به بمقتضى الوضع، فالإتيان به، وإن كان دون الظاهر عدول عن مقتضى الظاهر.
(وقولهم: هو أو هي زيد عالم) اختاره على: زيد قائم؛ لأن الجملة المفسرة لضمير الشأن يجب أن يكون أمرا عظيما يعتني به، ويستحق أن يختال لتمكينه في نفس السامع، وذكر الجملة الاسمية؛ لأن الفعلية لا تقع مفسرة له ما لم يدخل عليه شيء من النواسخ، ولم يقل: هو زيد عالم، وهي هند عالمة، مع أنه لا يجوز تأنيثه ما لم يكن في مفسره عمدة مؤنث، فحينئذ، يختار تأنيثه تنبيها على أن مقتضى القياس: أن يستوي المذكر والمؤنث في كل جملة؛ لأن كل جملة شأن