العارف الإطالة، لكن ما ذكره الشارح من أنه لا معنى لقوله: مما شبب به الكلام من نسيب؛ لأن التشبيب يعنيه هو التشبيب، وهو أن يصف الشاعر حال المرأة وحاله معها في العشق، يقال هو تشبب بفلان أي نسب بها فتشبب الكلام بالنسيب أو نحوه، مما لا يظهره معناه في اللغة، اللهم إلا أن يقال: لما كان أكثر ما يفتتح به القصائد والمدائح نسيبا وتشبيبا ذكر التشبيب، وأراد مجرد الابتداء والافتتاح فقد اندفع بما حقق على أنه مما يعجب؛ لأنه لا مجال له بعد ذكر كلام الإمام الواحدي، ثم إن التخلص قليل في كلام المتقدمين، كما سيشير إليه، من أن مذهب العرب هو الاقتضاب، وأما المتأخرون فقد لهجوا به لما فيه من الحسن وبراعة الشاعر، ولعل حسن الاقتضاب، وأما المتأخرون فقد لهجوا به لما فيه من الحسن وبراعة الشاعر، ولعل حسن الاقتضاب دعوى أن المقصود من كمال الحسن بلغ غاية مراتب القبول، بحيث يتمكن في جبره أينما وقع، ثم وجوب التأنق في التخلص ليس مبنيا على عدم صحة الاقتضاب، وليس دائرا على مذهب المتأخرين، كما يكاد يتقرر في الوهم القاصر؛ بل مع حسن الاقتضاب إذا عدل عنه إلى التخلص ينبغي أن يتأنق فيه.
(كقوله) أي قول أبي تمام في عبد الله بن طاهر: ([يقول في قومس]) بالضم وفتح الميم: صقع كبير بين خراسان وبلاد الجيل أو إقليم بالأندلس والظرف يتعلق بيقول [قومي] فاعل يقول ولا يخفى شدة تناسب قومي وقومس، سيما مع تناسب السين والياء؛ لأن أحدهما ينقلب إلى الآخر كما في سادس وسادي [وقد أخذت منّا] حال من قومي أي نقصت منا القوة وأثرت فينا، يقال أخذ منه إذا أنقصه وأثر فيه [السّرى] اعتبر تأنيث السرى على لغة بني أسد فيها، وفي هدى؛ لأنهما على وزن الجمع دون المصدر الأعلى، استعمال قليل، فتوهموا أنهما جمع سرية وهدية، على وزن غرفة، وليس التأنيث لتغليب خطى على السرى؛ لأن المؤنث لا يغلّب على المذكر، والسّرى: السير عامة الليل [وخطى] جمع خطوة كسبحة وهي ما بين القدمين [المهريّة] المنسوبة إلى مهرة بن حيدان؛ بطن من قضاعة، فيهم نجائب تسبق الخيل، فيقال لإبلهم إبل مهرية [القود](١)
(١) البيتان أوردهما القزويني في الإيضاح: ٣٧٢ لأبي تمام. قومس: موضع جهة خرسان. السرى: السير ليلا. المهرية: الإبل المنسوبة إلى مهرة. القود: جمع قوادة وهي الذلول المنقادة.