القسم، وكما لا بد في تصحيح حصر قصد المخبر في الفائدة ولازمها من التنبيه على أنه قد ينزل العالم بالفائدة منزلة الجاهل لئلا يشكل الحصر بالخبر الملقى إلى العالم، لا بد من التنبيه على تنزيل وجود الشيء منزلة عدمه؛ لئلا يشكل بمثل (ما رميت إذ رميت) لأنه لولا تنزيل الرمي منزلة العدم لم يكن في هذا القول صحة قصد الفائدة، ولا لازمها.
واعلم أن قوله تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ (١) إنما يكون من قبيل تنزيل وجود الشيء منزلة عدمه، لو كان المقصود نفي الرمي مطلقا، فتفسير السيد السند حيث قال: أي ما رميت حقيقة، إذ رميت صورة؛ لأن أثر ذلك الرمي كان خارجا عن طوق البشر، يخرجه عما نحن فيه.
كذا ما نقله من أنه ما رميت تأثيرا إذ رميت كسبا، وزيفه بأنه ليس بشيء لجريانه في جميع الأفعال عند من يقول بالكسب وعدم صحته، على قول من ينكره، وكذا ما يمكن أن يقال من أنه: ما رميت في أعين الكفرة إذ رميت من كفك، أو ما رميت على قدر قوتك إذ رميت، وفيه ما ينبغي لك معرفته.
(فينبغي أن يقتصر) المخبر على صيغة المجهول، أو المعروف (من التركيب) أي من المركبات أو تركيب الألفاظ بعضها مع بعض في ظاهره وتقديره (على قدر) هو كالضرب والعدد بمعنى المقدار (الحاجة) أي على مقدار حاجته في إفادة الحكم ولازمه، أو حاجة المخاطب في استفادتهما، فوجه تفرعه على السابق ظاهر، ومن لم يتنبه وقع في تطويل ليس فيه كثير تحصيل، ولا يخفى أنه بظاهره لا ينفي وجوب الاجتناب عن إيراد أقل من الحاجة، والأولى أن يقال:
فينبغي أن يذكر التركيب على قدر الحاجة.
واعلم أن الإيراد على قدر الحاجة كما يراعى في كل باب من أبواب البلاغة لا يخص إفادة الإسناد الخبري، وعلل وجوب ذلك في المفتاح بالحذر عن اللاغية، واتجه عليه أنه لا يفيد وجوب الاجتناب عن الإيراد أقل من قدر الحاجة، إذ ليس فيه الحذر عن اللغو، بل عن فوت المقصود، وأجاب عنه الشارح المحقق بأنه ترك وجوب الاجتناب عن إيراد الأقل لظهوره، والسيد السند: بأن الأقل