للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما لا بد منه في حكم اللاغية، ومندرج تحت المراد باللاغية، ونحن نقول في إيراد الأقل بكون قصد بعض ما قصد إفادته لاغيه، ثم فصل ذلك المجمل بقوله:

(فإن كان المخاطب خالي الذهن) بعض تفصيل له مزيد اختصاص بأحوال الإسناد، وإلا فحذف المسند إليه وذكره إلى غير ذلك تحت هذا المجمل.

(من الحكم) أي النسبة التي بين بين، أو الوقوع أو اللاوقوع، وعلى تقديرين الخلو عبارة عن عدم الإدراك لا عن عدم الاتصاف، كما في الخلو عن التردد، ويتنجه (١) أنه يلغو.

قوله: (والتردد فيه) بلا ريبة، لأن عدم إدراكهما يستلزم عدم التردد فيهما، لأن التردد بدون التصور محال، وتقييد خلو الذهن بما يخصه بالخلو عن التصديق لا بدفع الغناء عن التردد؛ لأن التقييد غير ضروري، أو التصديق والخلو عن التصديق كالخلو عن التردد، ولا يلغو ذكر التردد بعده، لكن لا يصح جعل ضمير والتردد فيه إلى الحكم؛ إذ تردد المخبر لا يكون في التصديق، بل في النسبة المتصورة، فهو راجع إلى الوقوع واللاوقوع المذكور ضمنا؛ لأن الحكم حينئذ بمعنى إدراك الوقوع أو اللاوقوع فهو من قبيل: اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى (٢) فقول من قال بالاستخدام عار عن الاستحكام وكذا الحال في قوله (وإن كان مترددا فيه طالبا له) ولم يرد بالحكم الوقوع أو اللاوقوع، حتى يستغنى عن قوله، والتردد فيه؛ لئلا يتوهم أن المراد الحكم بمعنى الإيقاع، فيفوت اشتراط الخلو عن التردد، فهذا من قبيل ترك المبالغة في اختصار اللفظ تقريبا للتعاطي، وقيد الخلو بالحكم وسكت عن لازمه لعدم ظهور جريان الأقسام الثلاثة فيه؛ لأنه إنما يحسن:

حفظت التورية لمن يخلو ذهنه عن: أنك عالم؛ أما المنكر أو المتردد في علمك فلا يحسن أن يقال له: إنك حفظت التورية؛ لأنه ظاهر في تأكيد الحفظ لا العلم به، والظاهر أني عالم بحفظك التورية، بل قولنا حفظت التورية لإفادة العلم من غير اعتبار خلو ذهنه عن العلم بالحفظ؛ إذ لو اعتبر خلو ذهنه صار ثبوت علمك به مقصودا أصليا، وصار ثبوت الحفظ من متعلقات العلم، فينبغي أن يعبر عنه


(١) هكذا وردت بالأصل.
(٢) المائدة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>