يعني: تعقيب المسند إليه به غير ثابت وعنه مندوحه وكون أخواته مصادر لا يخل به مثل هذا المتكلف، والأصح أنه على صفة الضمير المرفوع المنفصل وليس ضميرا، فقول الشارح: ضمير الفصل مرجوح، وما ذكره النحاة من كونه وضع للفصل بين الخبر والنعت يستدعي جعله من أحوال المسند، كما أن كون التخصيص متعلقا بالمسند بلا واسطة حرف الجر معنى يقتضي جعله حالا له إلا أنه لما كان العمدة في الكلام هو المسند إليه ونظر المتكلم عليه وما عداه متطفل بين يديه كان الأولى إرجاع الحال إليه ما لم يقتض إلى مزيد تكلف وحينئذ لا يبعد أن يجعل الفصل لفصله عن الموصوف وإنما اقتصر على قوله:(فلتخصيصه بالمسند) مع أن فائدته التي لا تنفك عنه تأكيد الحكم بخلاف التخصيص، فإنه قد يكون إذا لم يكن في الكلام ما يفيد التخصيص سواه وقد لا يكون إذا كان الخبر المعرف بتعريف الجنس؛ لأنه لإفادته تأكيد الحكم من أحوال الإسناد على الثاني ثبوت القصر معه إذا لم يكن ما يفيده سواه تردد.
قال الشارح في شرح الكشاف: إفادته القصر إنما يتم إذا ثبت القصر في مثل كان زيد هو أفضل من عمرو مما الخبر فيه نكرة، ولا خلاف بين المصنف والسكاكي حيث قال: إنه لتخصيص المسند بالمسند إليه إلا في العبارة فإن الباء في صلة التخصيص قد تدخل على المقصور، وقد تدخل على المقصور عليه وجعل الشارح الاستعمال الأول عربيّا وغالبا، والثاني عرفيّا، والسيد السند الاستعمال الثاني أصليّا، والأول مبنيا على جعل التخصيص مجازا مشهورا قريبا بالحقيقة العرفية في التمييز أو مضمنا بمعنى التمييز وجعل الباء متعلقا بمعنى التمييز أي: الفصل لتمييز المسند إليه به مخصصا بالمسند إليه. فعدول المصنف عن عبارة المفتاح إلى ما هو العرفي الغالب استعمالا في وجه وإلى ما هو أظهر في كونه حالا للمسند إليه في وجه ليس لك أن تقول: إنه قد يكون لقصر المسند إليه على المسند نحو الكرم هو التقوى وهو الذي ذكره المصنف وقد يكون في قصر المسند على المسند إليه نحو إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ (١) وهو الذي ذكره المفتاح؛ لأن قصر المسند إليه على المسند في المثال المذكور من تعريف المسند إليه على نحو