وفيما يقتصر على الحقيقة في المعنى الحقيقي كما في تقديم المسند.
(فلكون ذكره) أي: المسند إليه (أهم) من ذكر باقي أجزاء الكلام لا من ذكر المسند فإنه قاصر كما عرفت ولا من الحذف فإنه حينئذ يكون مرجحا للذكر على الحذف لا للتقديم على غيره. ومعنى كون ذكره أهم أن العناية به أكثر من العناية بذكر غيره ومن البين أن لا جهة لتقديم فعل على فعل إلا كون العناية بالمتقدم أكثر والاهتمام به أوفر، وكون الاهتمام موجبا للتقديم وصحة كون التقديم لا لاهتمام بينة مستغنية عن بيان ما به الاهتمام لكن كون التقديم على وفق مقتضى الحال يوجب أن يكون له جهة من جهات يدعو البليغ إليه فمن قال يكفي أن يقال:
قدم للعناية يريد أنه إذا وقع تقديم من البليغ يكفي ذلك القول؛ إذ لا خفاء في أن ما دعاه إلى الاهتمام أمر معتبر في البلاغة وحيث قال الشيخ: إنا لم نجدهم اعتمدوا في التقديم شيئا يجري مجرى الأصل غير العناية والاهتمام، لكن ينبغي أن يفسر وجه العناية بشيء ويعرف فيه معنى يريد أن صاحب علم المعاني ينبغي أن يفسره ليعلم المتعلم الكاسب للبلاغة الجهات المعتبرة عند البلغاء فلذلك جعل المصنف- اقتفاء للمفتاح- سبب التقديم الأهمية ثم فسر وجوهها بقوله (إما لأنه) ظاهره إما لأن المسند إليه (الأصل) وهو موجه لأن كل ما يذكر من غيره متطفل على ذكره ولبيانه ولتحصيل معرفته بالإحاطة بحاله وحينئذ يحتاج قوله (ولا مقتضي للعدول عنه) إلى تكلف بإرجاع الضمير إلى كونه الأصل حتى يكون المعنى ولا مقتضى للعدول عن كونه الأصل أي: عن مقتضاه وهو كونه أهم مما يتفرع عليه، لكن لا خفاء في جعله وسيلة إلى الأهمية الداعية إلى التقديم، وفي المفتاح إما لأن أصله التقديم ولا مقتضى للعدول عنه فلذا فسر الشارح المحقق: ضمير لأنه بتقديم المسند إليه، ولا يخفى أن كون تقديم المسند إليه الأصل بلا مقتضى عدول يوجب التقديم من غير أن يلاحظ أنه يوجب الأهمية وكأنه لهذا جعل الشيخ الاهتمام جاريا مجرى الأصل إذ نكتة تقديم لا يكون تحته نادرة ككون التقديم الأصل بلا اقتضاء العدول، ويمكن أن يقال: ملاحظة كون التقديم الأصل وعدم موجب العدول بجعل ذكره أهم وكون المسند إليه أو تقديمه الأصل ليس لكونه محكوما عليه بل لكونه مسندا إليه حتى يستحق التقديم في