للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فهو أعم من الاستتباع) ولا يخفى أن حق البيان حينئذ أن لا يذكر في مقابلة الاستتباع بل يذكر الإدماج من المحسنات، وينبه على دخول الاستتباع فيه، كما فعل في الطباق والمقابلة، وقد أشار بقوله (فهو أعم من الاستتباع) أن ما مثل به الاستتباع مثال له وإنما أشار بقوله (كقوله) إلى مثال له يفترق به عن الاستتباع، فليس الغرض منه التمثيل ليلغو بل بيان الافتراق والضمير إلى أبي الطيب في الواقع [(أقلّب فيه) أي في ذلك الليل (أجفاني) جمع جفن كفقر، وهو غطاء العين من أعلى وأسفل (كأنّي أعدّ بها) أي بالأجفان، والتقدير بتقليبها، ولو قال به ليرجع إلى التقليب لكان أظهر، ولك أن تجعله راجعا إلى التقليبات المستفادة من أقلب (على الدّهر الذّنوبا)] (١) ومعنى تقليب الأجفان للعد أن امتداد السهر لكثرة ذنوب الدهر وطول عده وكمال الرغبة فيه، فإن الاشتغال بالمرغوب يمنع النوم ويسهل السهر (فإنه ضمن وصف الليل بالطول الشكاية من الدهر) الظاهر أن سوق البيت لوصف نفسه بالسهر فيه، والحزن لا لوصف الليل بالطول لأن تقليب الأجفان ظاهر في السهر لا في طوله، قال الشارح المحقق: وقوله معنى آخر أراد به الجنس أعم من أن يكون واحدا، كما في بيت أبي الطيب، أو أكثر كما في قول ابن نباته- بالموحدتين من فوق ومن تحت بالضم أو الفتح، فإن كلتيهما مما سمى بها العرب:

[ولا بدّ لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخلّ- أي خليل- أودع الحلم عنده] (٢)

قال المص: إنه ضمن الغزل يعني حديث المحبوبة الفخر بكونه حليما، حيث استفهم عن وجود خليل صالح للإيداع، وضمن الفخر بذلك الشكوى من الزمان بتغييره الإخوان، أو إعدامه حتى لم يبق من يصلح لهذا الشأن، فإن الاستفهام إنكاري، وضمن ذلك أنه لم يعزم على مفارقة حلمه أبدا وإنما يريده وقت إرادة


(١) البيت في ديوانه: ١/ ١٤٠، والإشارات: ٢٨٥، والإيضاح: ٣٢٧، تقليب الأجفان: كناية عن السهاد والأرق وعد ذنوب الدهر كناية عن الشكوى منه.
(٢) جهلة: مرة من الجهل بمعنى الخفه والطيش، وفي وصاله: لأجل وصاله، أو فى نيل وصاله يعني بسبب نيله، وخل: صديق، والاستفهام إنكاري.
انظر البيت في الإيضاح: ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>