بحيث يتلوث به لساني، ولك أن تبالغ في تحقيره بالحذف، بإيهام أنه من الخبث، بحيث يتلوث به كل لسان، وحينئذ الداعي إيهام صون اللسان عنه، كما في المفتاح، لا إيهام صون لسانك عنه، وليس لك أن تقصد بالحذف إيهام صونه عن كل لسان، لأن في ذلك تحقيرا لكل لسان، وليس أمر الألسنة بيدك حتى تفعل به ما تشاء، وإنما لك تحقير لسانك تواضعا منك، فلذلك لم يطلق المفتاح فيه اللسان، واختيار التخييل سابقا. والإيهام هنا ليس لكون أحدهما مدركا خياليّا، والآخر وهميّا، بل التخييل والإيهام مستعاران لإفادة أنهما ليسا محققين، واختلاف الاستعارة للتفنن، وقيل لأن في الإيهام زيادة تبعيد عن التحقق، فاختير التخييل سابقا لشائبة تحقق في العدول بخلاف الصون عن التلوث، فإنه لا تحقق له أصلا. أقول أو إيهام صونه عن سمعك، أو إيهام صون سمعك عنه.
(أو تأتي) أي تيسر (الإنكار لدى الحاجة) الظرف يتعلق بالتأتي أو بالظرف أي لتأتي يعني تأتي الإنكار إنما يدعو إلى الحذف لدى الحاجة إلى الإنكار (أو تعينه) إما لأن المسند لا يصلح إلا له، أو لأنه بلغ فيه من الكمال بحيث لا يلتفت الذهن إلى غيره، والتعين قد يدعو إلى الحذف احترازا عن العبث، وقد يدعو إليه إفادة للتعين، والمراد هنا الثاني، لكن الأظهر أن يقول: أو لإفادة التعين، ويفترق التعين عن الاحتراز عن العبث بناء على الظاهر في قولك:
خالق لما يشاء؛ إذ لا عبث في ذكر الله في الظاهر مع تعينه؛ لأن فوائد ذكره لا تحصى، ولا يخفى، وجعل (أو تعينه) توطئة لقوله (أو ادعاء تعينه) مخالفة السوق، ومباعدة الذوق، وكذا جعله تفصيلا لبعض ما يوجب الاحتراز عن العبث بناء على الظاهر.
(أو نحو ذلك) أفرد الإشارة لكونه إشارة إلى أحد الأمور المستفادة من الترديد، وقد عرفت من النحو غير بعيد، فلا نعيد. ومن النحو اتباع الاستعمال الوارد على وجوب الحذف سماعا كما في: رمية من غير رام، أو شنشنة أعرفها من أخزم، أو قياسا كما في الحمد لله الحميد، بالرفع فإنه لا يجوز هو الحميد، كذا قالوا، وفيه بحث، لأن الحذف هنا للاحتراز عن مخالفة القياس، أو ضعف التأليف، فهو من متعلقات البلاغة التي مرجعها غير علم