للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به توهم أيضا أضرب عنه بقوله (بل هو) أي معناه صورة، أي ذو صورة، فإن الصورة جاءت بهذا المعنى أيضا (وهمية) اخترعها المتخيلة بإعمال الوهم إياها؛ فإن للإنسان قوة لها تركيب المتفرقات وتفريق المركبات إذا استعملها العقل يسمى مفكرة، وإذا استعملها الوهم يسمى متخيلة، ولما كان حصول هذا المعنى المستعار له باعتبار إعمال بالوهم إياهما سميت استعارة تخييلية، ومن لم يعرفه قال:

المناسب حينئذ أن تسمى وهمية، وعدّ التسمية تخييلية من أمارات تعسف السكاكي في تفسيره، وإنما وصف الوهمية بقوله (محضة) أي: لا يشوبها شيء من التحقق العقلي أو الحسي للفرق بينه وبين اعتبار السلف، فإن أظفار المنية عندهم أمر محقق شابه توهم الثبوت للمنية، فهناك اختلاط توهم وتحقق، بخلاف ما اعتبره فإنه أمر وهمي محض، لا تحقق له لا باعتبار ذاته، ولا باعتبار ثبوته.

وصرح باللفظ في قوله (كلفظ الأظفار) اهتماما بتمثيل ما هو في تحقيقه من التخييلية، حتى لو حذف اللفظ، وقال: كالأظفار لربما يسبق الوهم إلى جعله مثالا للصورة الوهمية، أو لربما يسبق الوهم إلى تمثيلها بإثبات الأظفار للمنية، كما اشتهر (في قول الهذلي) أي: المعهود الذي سبق (فإنه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال أخذ الوهم) بإعمال المتخيلة (في تصويرها) أي: المنية (بصورته) أي: السبع (واختراع) مثل (لوازمه) بحسب الصورة، لا بحسب الحقيقة، فإن الأظفار لا تستلزم (١) حقيقة السبع.

قال في المفتاح: وفي الإيضاح: فيثبت ما يلزم صورته (لها) أي: للمنية (فاخترع لها مثل صورة الأظفار ثم أطلق عليه) لفظ (الأظفار) أي: مثل المصور بصورتها لأنها من لوازم السبع لا يكمل الاغتيال فيه إلا بها، على ما حققه المصنف سابقا، ولا يتقوم الاغتيال إلا بها على ما ذكره «المفتاح»، ووافقه في الإيضاح هنا، ولم يتعرض له اعتمادا على ما سبق من تحقيقه، فتعريفه هذا صادق على لفظ مستعمل في صورة وهمية محضة من غير أن تجعل قرينة الاستعارة بالكناية، فلا تستلزم الاستعارة بالكناية، بخلاف تفسير السلف، فإنها لا تنفك عندهم عن الاستعارة بالكناية.


(١) في الأصل: «لاستلزم».

<<  <  ج: ص:  >  >>