للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عطف المفرد، ولا أظنك في ريبة مما ألهمنا به، ولا يخفى أن هذا الاشتراط على مذهب من لم يجعل الواو للترتيب (أن يكون بينهما جهة جامعة) فهذا الوصل إنما يتيسر بعد معرفة الجهة الجامعة كالقسم الثالث إلا أن في القسم الثالث أمورا أخر لا بد من ضبطها لم يشترط في هذا القسم من عدم كمال الاتصال وكمال الانقطاع وشبه أحدهما؛ فلذا عد قريب التناول دون الثالث، (نحو: زيد يكتب) أي: ينشيء النثر، كذا سمعت من الثقات (ويشعر) من حد نصر وكرم بمعنى: يقول الشعر أو الثاني بمعنى يجيد الشعر، كذا في القاموس؛ لما بين الكتابة والشعر من المناسبة، (أو يعطي ويمنع)؛ لما بينهما من التضاد (ولهذا) أي: لكون شرط قبول عطف الجملة بالواو وجود الجامع، لا كون شرط قبول العطف بالواو مفردا كان أو جملة؛ إذ جعل الشرط في المفرد جملة مسلّما حتى فرّع عليه اشتراط القبول في الجملة، فلا يحسن تعليل الشرط المفرد بعد تسليمه، فإن قلت: فلا يتم الدليل لأنه من عطف المفرد على المفرد.

قلت: إن المفتوحة بعد العلم في حكم المكسورة؛ لكون ما بعدها منزّل منزلة مفعولي علمت، فلو لم يكن وجود الجامع شرطا في الجملة أيضا لم يعب على الشاعر لجعل المعطوف والمعطوف عليه بمنزلة الجملة (عيب على أبي تمام قوله [زعمت) أي: الحبيبة [هواك] يا نفس [عفا الغداة] أي: اندرس في عداة الهجرة [كما عفاه عنها] أي: عن اللوى وهو موضع [طلال باللّوى ورسوم].

(لا) أي: ليس الأمر كما زعمت:

([والّذي هو عالم أنّ النّوى صبر) أي: مرّ. في الصحاح الصبر ككتف هذا الدواء المر، ولا يسكن إلا للضرورة هذا، وفيه نظر إذ لغات كتف لا يختص الشعر (وأنّ أبا الحسين كريم):

لا زلت عن سنن الوداد ولا غدت ... نفسي على إلف سواك تحوم (١)

جواب القسم لا والبيت الآخر مؤكد وهو جواب القسم كما ذكره الشارح.

وعيب البلغاء على أبي تمام بفوت الجامع بين المعطوف والمعطوف عليه؛ إذ لا


(١) البيتان في ديوانه ٣/ ٢٩٠، انظر دلائل الإعجاز: ١٧٣، معاهد التنصيص، نهاية الإيجاز: ٣٢٣، عقود الجمان: ١٧٣، وأبو الحسن: محمد بن الهيثم ممدوح الشاعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>