للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالأسد بالغ في أن الحق معه، وقال الأمر كذلك، لكن إن أبيت إلا أن تعمل على ظاهر قولهم موجود كالمعدوم إلى غير ذلك، فلا مضايقة فيه يريد أن كلا ميسر لما خلق له (١)، ويجب العمل بما روى حسن: «كلّم الناس على قدر عقولهم».

وبهذا استغنيت عن أن يقول المصنف ممن لا مضايقة للشيخ معه في جعل وجود شبيه بالعدم تشبيها، فظهر ضعف ما قال الشارح أن كلام الشيخ ساقط بما حققه المصنف، فإن الحق معه، ولا مجال لإنكار التشبيه.

كيف والشيخ لم ينكر التشبيه في وجود كالعدم، بل في قولهم: هو معدوم أو هو والعدم سواء، فأحسن التأمل، وزين التعقل تنفع من يعقبك أحسن المنافع الذي ليس له مبطل ولا رافع.

(والرجل الشجاع) نبه على معنى الجراءة؛ فلهذا لم يقل والرجل الجريء، كما هو الظاهر (بالأسد والعلم) بأي معنى أخذ، وقد عرفت (بالنور) هو الضوء أيا ما كان أو شعاعه والذي يبين الأشياء.

(والعطر بخلق كريم) بإضافة الخلق أو وصفه بالكريم، وجزم الشارح بالأول، والجزم خلافه.

والخلق السجية والمروءة والدين جاء بضمة وبضمتين، وتحمل الوحدة على البساطة يخفي صحة التمثيل بالعراء عن الفائدة واستطابة النفس الشائبة التركيب.

وقد ذكر في المفتاح والإيضاح من أمثلة العقلي فيما طرفاه عقليان تشبيه العلم بالحياة، في كونهما جهتي إدراك، واتفق الشارحان بأن بيان ذلك أن المراد بالعلم الملكة التي هي سبب تفاصيل الإدراكات؛ إذ لو أريد الإدراك لم يكن للتشبيه معنى.

أقول: المراد بالإدراك الوصول، وتفاصيل الإدراكات والعلوم كالحيوة جهات للوصول، وهذا قريب مما قال الشارح هنا.

ولو جعل وجه الشبه بين العلم والحياة الانتفاع بهما كما أن وجه الشبه بين


(١) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث علي بلفظ: «اعملوا فكل ... ».

<<  <  ج: ص:  >  >>