للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن السكاكي أهمل القصر الحقيقي، فلو كان عنده أن التعريف يشمله لما حكم بالإهمال، فإن قلت: قد ذكرت أن في تعريف السكاكي ما يخرجه، فلذا لم يحكم بشموله، قلت: لو كان يعلم أن هذا القيد لإخراجه لما أسقطه عن تعريفه، ولم يقصد التعريف بالأعم، ويمكن أن يجاب عنه بأن مكانها، أي: صفة أخرى، يقتضي أن يراد بصفة أخرى صفة ثابتة حتى يتعقل له مكان، ولا يمكن أن يراد الثابتة في نفس الأمر، فالمراد الثابتة في اعتقاد المتكلم، وذلك يدعو إلى أن يراد بأخرى في قوله: دون أخرى أيضا الصفة الثابتة في اعتقاد المتكلم؛ لأنه مرجع الضمير في مكانها، ولهذا اسقط المصنف قول السكاكي عند السامع عن تعريفه اعتمادا على انسياق الذهن إليه من باقي التعريف، ولما لم يقيد السكاكي القصر في مقام التعريف بهذا التعريف بغير الحقيقي، وكان كلامه موهما أنه يعرف مطلق القصر، وتنبه المصنف أنه تعريف لغير الحقيقي، وعرّف غير الحقيقي به، استشعر أن يقال: تعريفه غير مانع؛ لأنه تعريف لمطلق القصر حيث عرف السكاكي به مطلق القصر، فدفعه في الإيضاح بأن السكاكي أهمل القصر الحقيقي دفعا لما يتجه عليه لا تعرضا به؛ إذ لا بأس بإهمال ما لا يتعلق به غرض كلي في البلاغة، وظنّه الشارح اعتراضا على السكاكي، ودفعه بأنه داخل في تعريفه، فكيف يكون مهملا وقد عرفت ما فيه؟ . (فكل منهما) يتجه لما يتضمنه التعريف من التنويع (ضربان) فالأضرب أربعة: تخصيص أمر بصفلة دون أخرى، وتخصيص أمر بصفة مكان أخرى، وتخصيص صفة بأمر دون آخر، وتخصيص صفة بأمر مكان آخر.

(والمخاطب بالأول من ضربي كل من يعتقد الشركة) (١) هكذا اتفقت كلمتهم، وينبغي أن يصحح خطاب من يعتقد اتصاف المسند إليه بالمقصور عليه، ويجوز اتصافه بالغير، فيقصر قطعا لتجويز الشركة، وجعل المفتاح من تساويا عنده داخلا في المخاطب بالأول؛ لأنه يفيد إثبات الصفة بموصوف دون آخر ممن جوز المخاطب اتصافه بها، لا مكان من جعله متصفا، وأخطأ: لأنه لم يجعل أحدهما متصفا، بل جوز اتصاف كل منهما، فليس أحدهما مكان متميز عن


(١) مثل اعتقاد الشركة في ذلك ظنها وتجويزها مطلقا، وكذلك يقال في اعتقاد العكس الآتي؛ لأن كل هذا يقابل التساوي الآتي في قصر التعيين.

<<  <  ج: ص:  >  >>