كما لا يخفى فترتيب الاستهزاء على هذا القول المخصوص، لا على القول المطلق، ولا يتم ما ذكره دليلا على عدم ترتيب الاستهزاء على القول المخصوص.
وثانيا: أنه أورد على الشيخ أن العطف على جواب الشرط له احتمال ثالث، وهو أن لا يستقل بشيء بالجزائية، بل يكون الجواب مجموع الشرط والجزاء، ويدفعه أن العطف حينئذ ليس على الجزاء، بل العطف مقدم على الجعل جزاء.
وثالثا: أن اختصاص الاستهزاء بوقت الخلو بحاله بعد؛ لأن القول مختص بوقت الخلو، والاستهزاء بوقت القول، والمختص بالمختص بالشيء مختص به، والأعجب من ذلك كله أن منع كون العطف موجبا للتقييد مما لا يضر؛ لأن المقصود بيان نكتة للفصل يجعل المراد من الآية ما لا يستقيم معه الوصل، هو أن المراد استهزاء الله مطلقا، ولو عطف على الجزاء لفات الإطلاق لإفادته الاختصاص بوقت الخلو.
فالمناقشة بأنه يحتمل الاختصاص بوقت القول مما لا يضر في تعيين الفصل؛ لأن العطف يفيد الاختصاص بأحد الطرفين لا محالة على أن الأظهر الأشيع الاحتمال الأول، وأن المصنف لم يعين الظرف وأن يتبادر منه وقت الخلو.
وكأن مهابة الشيخ شغلت المحققين عن مشاهدة ضعف كلامه، والله يختص من يشاء بإنعامه.
(وإلا) عطف على قوله (فإن كان للأولى حكم) أي: إن لم يكن للأولى حكم (لم يقصد إعطاؤه للثانية) وذلك بأن لا يكون لها حكم زائد على مفهوم الجملة، أو يكون ذلك ولكن قصد إعطاؤه للثانية أيضا.
فإن قلت: مع قصد الإعطاء كيف يصح الفصل ويفوت الحكم؟ .
قلت: لا ينحصر الإعطاء في حكم العطف فليصرح بالحكم في المعطوف.
فإن قلت: من الممتنع أن لا يكون للأولى حكم زائد على مفهوم الجملة إذ الكلام البليغ لا يخلو عن معنى مراد.
قلت: المراد حكم زائد على مفهوم الجملة يمكن إعطاؤها للثانية بالعطف.