للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه بلغ في الكمال بحيث قام به تشابه على قياس التسمية بالمماثل (كقوله) أي أبي الفتح البستي المنسوب إلى بست بالضم بلد بسجستان: [(إذا ملك لم يك ذا هبه) أي صاحب هبة (فدعه فدولته ذاهبه)] (١) الفاء الأولى جزائية والثانية سببية وذهاب الدولة كناية عن عدم بقائها (وإلا) أي وإن لم يتفق اللفظان اللذان أحدهما مركب سواء تركب اللفظ الآخر أو لا في الخط (خص باسم المفروق) لافتراق اللفظين في الخط أو لافتراق اللفظين والخطين في التشابه، (كقوله) أي أبي الفتح:

[(كلّكم قد أخذ الجام ولا جام لنا)] أي لا جام مأخوذ لنا ليلائم قد أخذ الجام وإن كان تقدير الفعل العام أشيع (ما الذي ضرّ) الاستفهام إنكاري أي لم يضره شيء (مدير الجام) من وضع الظاهر موضع المضمر وهو مقبول في الشعر بلا نكتة، ووجوب النكتة إنما هو في النثر (لو جاملنا) (٢) أي أحسن عشرتنا، ومن حسن هذا الجناس أن لا جام لنا يفيد نفي المجاملة في أول السماع، وهو صحيح في هذا المقام، وإنما قلنا في أول السماع لأن اشتراط تكرار لا الداخلة على الماضي يرد كون لا جام لنا محمولا على الماضي، فإن قلت لا يصح قوله وإلا فمفروق، لأنه مفروق أو مرفو (٣)؛ لأنه إن لم يتفقا في الخط فإن كان المركب مركبا من كلمتين فمفروق وإن كان مركبا من كلمة وبعض كلمة فمرفو (٤) كقول الحريري:

ولا تله عن تذكار ذنبك وابكه ... بدمع يضاهي الوبل حال مصابه

ومثل لعينيك الحمام ككتاب قضاء الموت، ووقعه الوقع بالسكون وقعة الضرب بالشيء (وردعة ملقاة ومطعم صابه) الصاب جمع صابه، وهو شجر مر، ووهم الجوهري في قوله الصاب عصارة شجر مر، صرح بهذا التقسيم المصنف في الإيضاح، فعبارة الكتاب بعيدة عن الصواب، قلت ما ذكره في الإيضاح تقسيم القوم وكأنه لم يرض به في التلخيص وأراد بكون أحد اللفظين مركبا كونه لفظا


(١) البستى: أبو الفتح علي بن محمد، وهو في الإيضاح: ٣٣٤.
(٢) البيتان لأبي الفتح البتسى، أوردهما محمد بن علي الجرجاني في الإشارات: ٢٩١، والقزويني في الإيضاح:
٣٣٤، والجام: الكأس. ومدير الجام: الساقي.
(٣) كذا بالأصل.
(٤) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>