للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى، أو منفي عنه، وهذا أولى من قولهم:

بحيث يفيد الحكم بأن إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفي عنه؛ لأن مفاد الخبر هو الوقوع واللاوقوع لا الحكم بهما، وهذا أوفق بإطلاق المسند والمسند إليه على اللفظ، من تعريفه بأنه الحكم بمفهوم لمفهوم بأنه ثابت له أو منفي عنه، لكن صاحب هذا التعريف أراد التنبيه على أن هذا الإطلاق على ضرب من المسامحة وتنزيل الدال منزلة المدلول لشدة الاتصال بينهما، ولا يختلجن في وهمك أن تعريف الإسناد لا يشمل الإسناد الشرطي لأن هذا مبني على الإسناد في الجملة الشرطية في الجزاء، والشرط قيد له، وأما من جعل الحكم بين الجملتين فالتعريف الصحيح عنده هو: ضم كل كلمة أو ما يجري مجراها إلى الأخرى أو ضم إحدى الجملتين إلى الأخرى، بحيث يفيد الحكم بأن إحداهما ثابت بمفهوم الأخرى، أو عنده، أو مناف لمفهوم الأخرى، أو ينفي ذلك.

وتعريف المفتاح حيث قال: الإسناد الخبري هو الحكم بمفهوم لمفهوم، كما يحتمل أن يكون بمعنى هو الحكم بثبوت مفهوم لمفهوم، فيكون في معنى التعريف المذكور، إذ الحكم أعم من الإيجاب والسلب، وهذا هو الذي زعمه الشارحون، وقصر عليه نظرهم الناظرون، وجعلوه مبنيا على أن الحكم في جزاء الشرط يحتمل أن يكون بمعنى هو الحكم بمفهوم لأجل مفهوم؛ لأن الحكم في الخبر لأجل المحكوم عليه ولمصلحته، ولهذا أسماه محكوما له، وحينئذ ليشمل الإسناد الشرطي مطلقا من غير ابتناء على ما سبق؛ لأن الحكم هو الإيجاب أو السلب، أي إدراك وقوع ثبوت أمر لأمر، أو عنده، أو الانفصال بينهما، أو إدراك لا وقوعه.

(لا شك أن قصد) أي مقصود (المخبر) أي المعلم بالنسبة التامة المحتملة للصدق والكذب على ما هو اللغة، أو المتلفظ بالجملة الخبرية مرادا بها معناها، على ما هو العرف، كما ذكره الشارح المحقق في شرح الكشاف في تفسير: وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ (١) فقول الشارح هنا أي من يكون بصدد الإخبار والإعلام، لا من يتلفظ بالجملة الخبرية؛ فإنه كثيرا ما يورد الجملة الخبرية لأغراض سوى إفادة أحد الأمرين من التحسر والتحزن، والتخشع، وتحريك


(١) البقرة: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>