للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمية، والدعاء إلى غير ذلك- محل نظر لأنه إن أراد المتلفظ بالجملة الخبرية مرادا بها معناها فلا وجه لنفيه لصحته، وإن أراده مطلقا فلا يحتاج إلى نفيه، لأنه ليس من محتملات العبارة؛ لكن ينبغي أن يراد من هو بصدد الإخبار بأي معنى كان، لا المخبر بالفعل، وإن كان قصده أيضا لا يخرج من الأمرين ليصح قوله: فإن كان خالي الذهن إلى آخره فتأمل.

(بخبره) متعلق بالقصد فتأمل، والمراد به إخباره لا الجملة؛ إذ المقصود بالفعل والغرض منه الإفادة لا المقصود بالجملة الخبرية، فإن المقصود بها نفس الحكم، أو لازمه، فلو أريد الجملة لما صح قوله: (إفادة المخاطب إما الحكم أو كونه عالما به) أو كليهما، كما إذا سأل واحد عن أمر بمحضر جماعة يبادر كل واحد إلى الجواب ليفيد الحكم وإن كان عالما به، فإن قلت: قد يكون قصد المخبر إحضار الحكم في ذهن المخاطب بعد ما غاب عنه، قلت: هو حينئذ ليس مخبرا إلا بمعنى المعلم للنسبة الخبرية، ولا بمعنى المتلفظ بالجملة الخبرية مرادا بها معناها؛ إذ لم يقصد بالخبر الحكم للإعلام، وهو معنى الخبر بل للإذكار، وبعد فيه نظر؛ إذ قصد المخبر ربما يكون إفادة غير المخاطب حكما، كما في صورة التعريض، نحو:

لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (١) فإن المقصود من هذا الخبر إفادة المعرض بهم من المشركين بأنها حبطت أعمالهم، إلا أن يقال: المخاطب صورة هو النبي- عليه السّلام- ومعنى هؤلاء المعرض بهم، غايته أنه عدل عن الخطاب معهم إلى الخطاب مع النبي؛ لأنه أعون على القبول؛ كما سيجيء في محله.

فإن قلت: المقصود خطاب النبي بأنهم حبطت أعمالهم، وهذا هو المعنى التعريضي، قلت: يكذبه أن رعاية المؤكدات والخلو عنها إنما هو بالنسبة إليهم لا بالنسبة إلى المخاطب، والمراد بكونه عالما به ليس مجرد حصول صورته في ذهنه، وإن ظنه الشارح؛ لأن تصور الحكم لا يعتد به، ولا يسمى علما، ولا يعد المتصور عالما به، بل يحكم عليه بالجهل به، بل المراد به كونه مصدقا به أي تصديق كان.

قال السيد السند: إطلاق العلم عليه مستفيض لغة، وهذا لا ينافي ما ذكره


(١) الزمر: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>