بعض المحققين من أن: إطلاق العلم على الظن والتقليد والجهل مخالف العرف والشرع واللغة؛ لأنه يجوز أن يكون مقصوده الإطلاق على سبيل الحقيقة، ويكون الإطلاق المستفيض الذي ذكره السيد السند مجازيا، ولا يشتبه عليك أن الخبر الذي يستفيد منه اليقين لازمه تعين المتكلم به، والخبر الذي تستفيد منه الظن لازمه يحتمل أن يكون ظنه، ويحتمل أن يكون اليقين فتأمل.
ولا ينافي بين كون الحكم وكون المخبر عالما لازما وملزوما وبين الانفصال بين قصدي إفادتهما، وإن توهمه بعض الأفاضل وأطال في دفعه بلا طائل.
ومن ينظر بعين التحقيق ولا يكتفي ببادئ النظر عن الفكر العميق، لا أظنه أن يبقى من أهل التصديق بأن قصد المخبر غير إفادة الحكم، وكيف ولا قصد إلا إلى إفادة الحكم إما بمضمون حقيقة الخبر أو بمضمون ما يلزمه من المعاني المجازية، أو الكنائية، أو التعريضية، إذ إفادة كونه عالما به لا يخرج عن أحد هذه المعاني، والمراد بالحكم الوقوع واللاوقوع لأنه الذي يفاد بالخبر بحكم بديهة العقل، كما أشار إليه بقوله: لا شك، وإن كان كلام القوم يشعر بأنه الإيقاع والانتزاع؛ حيث قالوا: مدلول الخبر إنما هو حكم المخبر بوجود المعنى أي بوجود الأمر القائم بالطرفين في الإثبات، وبعدمه في النفي، وأنه لا يدل على ثبوت المعنى وانتفائه، وإلا لما وقع شك من سامع في خبر يسمعه، بل علم ثبوت ما أثبت وانتفاء ما نفى، إذ لا معنى للدلالة إلا إفادة العلم بذلك الشيء، ولما صح ضرب زيد إلا وقد وجد منه الضرب، لئلا يلزم إخلاء اللفظ عن معناه الذي وضع له، وحينئذ لا يتحقق الكذب أصلا، وللزم اجتماع المتناقضين في الواقع عند الإخبار بأمرين متناقضين.
هذا ونحن نقول: بل يلزم اجتماع المتناقضين عند الإخبار عن أمر غير واقع لاقتضاء دلالة اللفظ التحقق، والواقع عدمه، ثم يتجه إلى استدلالهم هذا بأنه يجري في كون المدلول حكم المخبر؛ إذ يمكن أن يقال: لا يدل على حكم المخبر بوجود المعنى وعدمه، وإلا لما وقع شك من سامع في خبر يسمعه، بل علم حكم المخبر بالثبوت أو بعدمه، ولما صح ضرب زيد إلا وقد وجد من القائل العلم بضرب زيد؛ لئلا يلزم إخلاء اللفظ عن معناه الذي وضع له، وحينئذ لا يتحقق الكذب، وللزم اجتماع المتناقضين عند الإخبار بأمرين متناقضين؛ لأنه يلزم الحكم