الآيتين، فيهما تحريم القذف وأنه فسق وأن القاذف لا تقبل شهادته وأنه يجلد ثمانين إذا قذف محصنة أي عفيفة، ومفهومه أنه إذا قذف من عرفت بالزنا لا يحد للقذف ويصرح بذلك قوله:{ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}
وفيه أن الزنا لا يقبل فيه إلا أربعة رجال ولا أقل ولا نساء وسواء شهدوا مجتمعين أو متفرقين. واستدل بعموم الآية من قال يحد العبد أيضا ثمانين ومن قال بحد قاذف الكافر والرقيق وغير البالغ والمجنون والمجبوب وولده واحتج بها على أن من قذف نفسه ثم رجع لا يحد لنفسه لأنه لم يرم أحداً، وقوله:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}
راجع إلى الفسق اتفاقاً لا إلى الجلد اتفاقاً وأعاده الشافعي إلى عدم قبول الشهادة أيضاً فقبلها بعد التوبة وأخرجه ابن أبي حاتم عن عطاء ومنع ذلك أو حنيفة فلم يقبلها ولو تاب وأخرجه ابن أبي حاتم عن النخعي قال ابن الفرس: ويستدل بالآية لقول مالك إن شهادته لا تسقط بمجرد القذف حتى يقام عليه الحد لأنه تعالى إنما نهى عن قبول شهادتهم إذا لم يأتوا بالشهداء وللقاذف الإتيان بالشهداء ما لم يحد فهذا بين أن شهادته لا تسقط إلا بإقامة الحد عليه لاحتمال إتيانه بالشهداء، واستدل بالآية من قال إن حد القذف من حقوق الله فلا يجوز العفو عنه.
هذه أصل اللعان ففيها أن شرطه سبق قذف وأنه إنما يكون بين الزوجين لا بين الرجلين وأجنبية ولا السيد وأمته، واستدل بعمومها من قال بلعان الكفار والعبيد والخصي والمجبوب والمحدود في القذف والأعمى والأخرس ومن الصغير التي لا تحمل والآيسة، واستدل بقوله:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}
من قال لا لعان إذا أقام البينة بزناها وبقوله:{فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ}
من قال إن اللعان شهادة لا يمين، وقوله:{أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ}
إلى آخره، فيه أن صيغته أشد بالله إني لمن الصادقين أربعا والخامسة أن لعنى الله عليه إن كان من الكاذبين، فاستدل به من لم يجز ابدال أشهد بأحلف أو أقسم ونحوه أو الله بالرحمن ونحوه أو بقوله يعلم الله ونحوه ومن لم يوجب زيادة الذي لا إله إلا الله، ومن لم يجز إسقاط إني لمن الصادقين ولا إبدالها بما كذبت عليها ونحوه ولا الاكتفاء بدون أربع خلافاً لأبي حنيفة في إكتفائه بثلاث شهادات ولا تقديم اللعنة على الشهادات أو توسطها أو إبدالها بالغضب.